دور أهل البيت (ع) في تصحيح الفكر و العقيدة - الصفحه 89

وحينما احتج طلحة والزبير وغيرهما على نظام التسوية وأظهروا الخلاف، قام أبو الهيثم وعمار وأبو أيوب وسهل بن حنيف وجماعة معهم، فدخلوا على علي عليه السلام، فقالوا: يا أمير المؤمنين، انظر في أمرك، وعاتب قومك، هذا الحي من قريش، فإنهم قد نقضوا عهدك، وأخلفوا وعدك، وقد دعونا في السرّ إلى رفضك، هداك اللَّه لرشدك ! وذاك لأنهم كرهوا الاُسوة، وفقدوا الاثرة، ولما آسيت بينهم وبين الأعاجم أنكروا واستشاروا عدوّك وعظّموه، وأظهروا الطلب بدم عثمان فرقة للجماعة وتألفاً لأهل الضلالة. فرأيك !
فخرج علي عليه السلام فدخل المسجد، وصعد المنبر مرتدياً بطاق، مؤتزراً ببرد قطري، متقلداً سيفاً، متوكئاً على قوس، فقال: أنا أبو الحسن - وكان يقولها إذا غضب - ثم قال: ألا إن هذه الدنيا التي أصبحتم تمنونها وترغبون فيها، وأصبحت تغضبكم وترضيكم، ليست بداركم ولا منزلكم الذي خلقتم له، فلا تغرنكم فقد حذرتموها، واستتموا نعم اللَّه عليكم بالصبر لأنفسكم على طاعة اللَّه، والذلّ لحكمه جل ثناؤه، فأما هذا الفي ء فليس لأحد على أحد فيه أثرة، وقد فرغ اللَّه من قسمته، فهو مال اللَّه، وأنتم عباد اللَّه المسلمون، وهذا كتاب اللَّه به أقررنا، وله أسلمنا، وعهد نبيناصلى الله عليه وآله بين أظهرنا، فمن لم يرض به فليتولّ كيف شاء، فإن العامل بطاعة اللَّه والحاكم بحكم اللَّه لا وحشة عليه.ثم نزل عن المنبر، فصلى ركعتين ۱ .
ومن جملة احتجاجه على طلحة والزبير في هذا الخصوص: فهل استأثرت من هذا المال لنفسي بشي ؟ قالا: معاذ اللَّه! قال: أفوقع حكم أو حق لأحد من المسلمين فجهلته أو ضعفت عنه ؟ قالا: معاذ اللَّه ! قال: فما الذي كرهتما من أمري حتى رأيتما خلافي ؟ قالا: خلافك عمر بن الخطاب في القسم، أنك جعلت حقنا في

1.شرح ابن أبي الحديد ۷: ۴۰

الصفحه من 107