القسم كحق غيرنا، وسويت بيننا وبين من لا يماثلنا فيما أفاء اللَّه تعالى علينا بأسيافنا ورماحنا، وأوجفنا عليه بخيلنا ورجلنا، وظهرت عليه دعوتنا، وأخذناه قسراً قهراً، ممن لا يرى الاسلام إلا كرهاً.
فقال عليه السلام ضمن جوابه لهم: وأمّا القسم والاُسوة، فإن ذلك أمر لم أحكم فيه بادئ بدء ! قد وجدت أنا وأنتما رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يحكم بذلك، وكتاب اللَّه ناطق به، وهو الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.
وأما قولكما: جعلت فيئنا وما أفاءته سيوفنا ورماحنا سواء بيننا وبين غيرنا، فقديماً سبق إلى الاسلام قوم ونصروه بسيوفهم ورماحهم، فلم يفضلهم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في القسم، ولا آثرهم بالسبق، واللَّه سبحانه موف السابق والمجاهد يوم القيامة أعمالهم، وليس لكما واللَّه عندي ولا لغيركما إلا هذا، أخذ اللَّه بقلوبنا وقلوبكم إلى الحق، وألهمنا وإياكم الصبر.
ثم قال: رحم اللَّه امرأً رأى حقاً فأعان عليه، ورأى جوراً فردّه، وكان عوناً للحق على من خالفه ۱ .
ولم يثن علي عليه السلام أي شي عن تطبيق برنامجه الاصلاحي الثوري، لقد كان موقفاً أصيلاً تمسّك به الى آخر الشوط، مما جعل بعض الأطراف تتصدّى لمحاربته، لأنها رات أنه يهدد مكانتها الاجتماعية، ويلغي امتيازاتها الطبقية، فنقضوا بيعته، وفارقوا طاعته، وشهروا السيوف في وجه الحق والعدل والمساواة التي ينشدها علي عليه السلام، أعلنوا الحرب تحت ستار الطلب بدم عثمان في حين كانوا أول الناس تأليباً عليه، وشمّر علي عليه السلام عن ساعد الحرب، فكان قتال الناكثين والقاسطين والمارقين في الجمل وصفين والنهروان، كما أخبره سيد المرسلين صلى الله عليه وآله.
1.شرح ابن أبي الحديد ۷: ۴۱