مدبراً، ولا تجهزوا على جريح، ولا تكشفوا عورة، ولا تمثلوا بقتيل، فإذا وصلتم إلى رحال القوم فلا تهتكوا ستراً، ولا تدخلوا داراً إلا بإذن، ولا تأخذوا شيئاً من أموالهم إلا ما وجدتم في عسكرهم، ولا تهيجوا امرأة، وإن شتمن أعراضكم، وتناولن أُمراءكم وصلحاءكم ۱ . وقد صارت سيرته الحربية مع أهل القبلة أحكاماً عند جميع فقهاء المسلمين وما كانت تعرف لولاه عليه السلام.
ولم يكن عليه السلام يستعمل في حربه إلا ما وافق الكتاب والسنة، ولا يميل الى استعمال المكيدة والبطش كما هو شأن أعدائه.
قال أبو عثمان الجاحظ: وربما رأيت بعض من يظن بنفسه العقل والتحصيل والفهم والتمييز - وهو من العامة، ويظن أنه من الخاصة - يزعم أن معاوية كان أبعد غوراً، وأصحّ فكراً، وأجود رويةً، وأبعد غايةً، وأدق مسلكاً، وليس الأمر كذلك، وسأرمي إليك بجملة تعرف بها موضع غلطه، والمكان الذي دخل عليه الخطأ من قبله.
كان علي عليه السلام لا يستعمل في حربه إلا ما وافق الكتاب والسنة، وكان معاوية يستعمل خلاف الكتاب والسنة، كما يستعمل الكتاب والسنة، ويستعمل جميع المكايد، حلالها وحرامها، ويسير في الحرب بسيرة ملك الهند إذا لاقى كسرى، وخاقان إذا لاقى رتبيل.
وعلي عليه السلام يقول: لا تبدءوهم بالقتال حتى يبدءوكم، ولا تتبعوا مدبراً، ولاتجهزوا على جريح، ولا تفتحوا باباً مغلقاً، هذه سيرته في ذي الكلاع، وفي أبي الأعور السلمي، وفي عمرو بن العاص، وحبيب بن مسلمة، وفي جميع الرؤساء، كسيرته في الحاشية والحشو والأتباع والسفلة.
وأصحاب الحروب، إن قدروا على البيات بيّتوا، وإن قدروا على رضخ
1.شرح ابن أبي الحديد ۴: ۲۵- ۲۶