قال خالد بن معدان ۱ في رثائه عليه السلام:
جاءوا برأسكَ يا ابن بنتِ محمّدٍ
مُترمّلاً بدمائه تَرْميلا
وكأنّما بكَ يابن بنت محمّدٍ
قَتَلوا جِهاراً عامدينَ رسولا
قَتَلُوك عَطشاناً ولم يترقّبوا
في قتلك التنزيلَ والتأويلا
ويُكبّرونَ بأنْ قُتِلت وإنّما
قَتَلوا بكَ التكبِيرَ والتَّهليلا۲
وكان من نتائج النهضة الحسينية المباركة أن أرست دعائم الإسلام، ودافعت عن مبادئه الأصيلة، وكشفت عن قناع الزيف الأموي، ومساراته المنحرفة عن جادة الإسلام وكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وآله، وفضحت الحكام الأمويين الذين جعلوا من الإسلام شعاراً يمرّرون به أهواءهم المريضة، وجلباباً يستحوذون به على أموال المسلمين وحقوقهم، وأحيت الضمائر التي خنقها الإرهاب، فكانت فاتحة الثورات التي سحبت الشرعية من دولة بني اُمية، وسلطت معاول الهدم على أركانها حتى قوّضت حكمهم إلى الأبد.
لقد كانت معركة الطفّ في حساب الزمن ساعات من نهار، لكنها في حساب المبادئ الحقّة والمثل العليا، وما أفرزته من عناصر الوعي والتصحيح، اختزلت التاريخ بكلّ أبعاده، وستبقى مناراً لكلّ من دفع حياته ثمناً لنصرة الحق، ومبدأً لمقارعة الزيف والظلم والطغيان والفساد، ومظهراً للفداء ونكران الذات، ورايةً تخفق على طول الزمن.
1.من فضلاء التابعين المختصين بأمير المؤمنين عليه السلام ومن أهل الصلاح والدين والبأس والنجدة، توفّي في حدود سنة ۱۰۳ه.. أعيان الشيعة ۶: ۲۹۶
2.مناقب ابن شهرآشوب ۴: ۱۱۷، الملهوف: ۲۱۱، بحار الأنوار ۴۵: ۱۲۹ و۲۴۴، أعيان الشيعة ۶: ۲۹۶، أدب الطف ۱: ۲۸۸، وهذه الأبيات قالها في رثاء الحسين عليه السلام حين مجي ء السبايا والرؤوس إلى الشام