الاستبصار في النص علي الأئمة الاطهار - الصفحه 101

وبيان ذلك أنّ الشيعة موفّقة لما نقلتْه ميسّرة، والناصبة مجيبةٌ فيما حملته منجزةٌ؛ لنقل هذه الفرقة ما هو دليل لها في دينها، وحمل تلك ما هو حجّة لخصمها دونها، وإلاّ فلِم رَوى أحدُ الناقلَين ما هو كذبٌ عنده، وشَهد بما يعتقدُ ضدَّه، وكيف أَقرّ بما يحتجّ به خصمه، وسطر ما يخالفه علمه؟! وقد جرت العادةُ بخلاف ذلك، فرأينا العاقل لم يزل منكرا لما يرى بطلانه، والفاضل جاحدا لما يخالف إيمانه، والمعتقد على أمرٍ تتوفّر دواعيه إلى دفع ما يبطله عليه، والمعتمد على رأي تنفر طباعه ممّا يضادّه وينافيه، لا ينكر ما ذكرناه إلاّ مَن دفع العادات وأنكر المشاهدات!
وفي علمنا بذلك ـ مع نقل الصنفَين المتباغِضَين، وحمل الرهَطين المتعاديين، للفن الواحد من النصّ الوارد ـ ببيان أنّ اللّه تعالى لطف به للمسترشدين ويسّره للمستبصرين، فأجراه على ألسنة المختلفين، وأنطق به أفواه المتباينين، إقامة لحجّته البالغة على العالمين، وتكملة لنعمته السابقة لدى المستدلّين.
بل هو ضرب من الآيات الباهرات في خرق اللّه تعالى لمستمرّ العادات التي لا يغيرها إلاّ لخطبٍ عظيم، وإقامة الحجّة بحقّ يقين، فرحم اللّه من اعتبر، وأحسن لنفسه النظر.
فأمّا إنكار العامّة لما نقوله من ذلك عند المناظرة، ودفعهم له في حال المُحاجّة على سبيل المكابرة، فهو غير قادح في الاحتجاج به عليه، ولا مؤثّر فيما هو لازم لهم؛ إذا كان من اطّلع في أحاديثهم وجدهُ منقولاً عن ثقاتهم، ومن سَمع مِن
رجالهم رواه ۱ في خلال أسانيدهم.

1.في ط : رآه .

الصفحه من 134