لبّ اللباب في علم الرجال - الصفحه 422

الأمر الثالث : في بيان الحاجة إلى علم الرجال

وهاهنا مقامان :
الأوّل : مقام إثبات الحاجة إليه في الجملة على سبيل القضيّة المهملة ، التي هي في قوّة الجزئيّة في مقام سلب السلب الكلّيّ؛ ردّاً على الأخباريّين المنكرين لها .
الثاني : مقام إثبات الحاجة إليه كلّيّة بجعل القضيّة المهملة مسوَّرَة بِسُور الكلّية في مقام الردّ على بعض الأُصوليّين القائل بجواز العمل بتصحيح الغير .
فنقول في المقام الأوّل :
اعلم أنّ الاحتياج إليه في الجملة ثابت بالعقل والنقل .
أمّا العقل فأوّلاً : أنّ الخبر الذي لامحيص عن العمل به من حيث هو ممّا يحتمل الصدق والكذب ـ كما هو المقرّر ـ فترجّح أحدهما والحكم به موقوف على مرجّح ، لقبح الترجيح بلا مرجّح والتعيين بلا معيّن ، والمرجّح إمّا علميّ أو ظنيّ ، والعلميّ إمّا داخليّ أو خارجيّ ، والداخليّ هو المتواتر بأقسامه ، والخارجيّ هو الاحتفاف بالقرائن القطعيّة . وكلاهما منتفٍ في غالب الأخبار كما لا يخفى على من تأمَّلَ وراجع وجدانه ، لقلّة الوسائط واختفاء القرائن بالتقيّة ، وسيأتي لذلك مزيد إيضاح ۱ .
فتعيّن العمل بالمرجّح الظنّيّ؛ حذراً عن لزوم الأقبح من التكليف بما لا يطاق ، أو العسر والحرج واختلال النظام ، أو الهرج والمرج والتسوية بين الراجح والمرجوح ، أو ترجيح المرجوح أو الخروج عن الدين؛ فإنّ العقل يحكم بارتكاب أقلّ القبيحين ، لسلامته عن القبح الزائد وقبح العمل بالقبيح الزائد قبيح .
وذلك المرجّح أيضاً إمّا داخلي أو خارجي . والأوّل عبارة عن وثاقة المخبر وعدالته والاعتماد عليه ونحوها ، والثاني عبارة عن الاحتفاف بالقرائن الظنّيّة

1.في جواب المدّعين معلوميّة الأخبار المودَعة في الكتب الأربعة .

الصفحه من 484