لبّ اللباب في علم الرجال - الصفحه 423

كاعتضاد بعضها ببعض وسيرة المسلمين ونحو ذلك . ولا شكّ أنّ الثاني غالباً منتفٍ كما لا يخفى على المتأمّل ، وسيأتي له إيضاح إن شاء اللّه تعالى ، فتعيّن الأوّل .
فلابدّ من العلم بالوثاقة ونحوها أو ما يقوم مقامه من الظنّ الذي ثبتت حجّيّته ، وذلك لا يحصل إلاّ بالاختبار أو الإخبار كما لا يخفى . والأوّل متعذّر غالباً بل كلّيّاً؛ لأنّه موقوف على نحو المصاحبة والمعاشرة ۱ الموقوفتين على المقارنة في زمان الوجود والملاقاة المخصوصة . والكلّ منتفٍ ، فتعيّن الثاني ، وذلك إمّا بالإخبار الشفاهيّ الملفوظيّ أو المكتوبيّ ، والأوّل متعذّر غالباً؛ لتوقّفه على وجود المخبر المقارن المصاحب ، وهو غير موجود ، فتعيّن الثاني ، ومحلّه كتب الرجال ، فتعيّن الحاجة إليها وإلى العلم بأحوالهم .
وثانياً : أنّ جُلّ الأخبار متعارضة ، والعمل بأحدها وتعيينه بلا مرجّح قبيح عقلاً ، والتسوية بينها مع العلم بالرجحان في الواقع أيضاً قبيحة ، فلابدّ من تحصيل العلم بالمرجّح ، ويحصل ذلك من الرجال ، فلابدّ من تحصيل علم الرجال ، حذراً عن القبيح .
وثالثاً : أنّ حجّيّة الخبر إمّا من جهة الآيات كآية النبإ ۲ أو من جهة إفادة الظنّ .
وعلى التقديرين لابدّ من معرفة وثاقة الرواة :
أمّا على الأوّل فواضح؛ لاعتبار العدالة في مفهوم الآية الذي هو المستند ، ويمتنع عند العقل العمل بالمشروط من دون حصول الشرط .
وأمّا على الثاني فلأنّ الظنّ غالباً لا يحصل إلاّ بمعرفة وثاقة الرواة؛ لانتفاء الاعتضاد والاحتفاف بما يوجب الاطمئنان والاعتماد من القرائن الخارجيّة غالباً ، والمعرفة موقوفة بالرجوع إلى علم الرجال؛ لما مرّ .

1.إشارة إلى وجود غيرها كالقرائن . منه رحمه اللّه .

2.و هي قوله تعالى : «يا أيُّها الَّذِينَ آمنوا إن جاءَكُم فاسِقٌ بِنَبإٍ فَتَبَيَّنُوا . . .» ـ الحجرات (۴۹) ، ۶

الصفحه من 484