لبّ اللباب في علم الرجال - الصفحه 428

أوّلاً : إنّ أصحاب هذا الاصطلاح مصرّحون بأنّ مفاد الأخبار عند المتقدّمين هو القطع واليقين ، وإنّما عدلوا عنه إلى الظنّ لعدم تيسّر ذلك لهم .
وأمّا ثانياً : فلما تضمّنته تلك العبارات ممّا هو صريح في صحّة الأخبار بمعنى القطع واليقين بثبوتها عن المعصومين .
فإن قيل : تصحيح ما حكموا بصحّته أمر اجتهاديّ لا يجب تقليدهم فيه ، ونقلهم المدح والذم رواية يعتمد عليهم فيها .
قلنا : إخبارهم بكون الراوي ثقة أو كذّاباً ونحو ذلك أمر اجتهاديّ استفادوه بالقرائن المطّلعة على أحواله أيضاً» ۱ .
وبالجملة فهم ممّن سهرت عيونهم في تصحيحها وذابت أبدانهم في تنقيحها ، وقطعوا في تحصيلها من معادنها البلدان وهجروا في تنقيتها الأولاد والنسوان ، سيّما وقد ورد عن الأئمّة عليهم السلام المنع عن العمل بكلّ رواية تحرّزاً عن الأحاديث الموضوعة .
فهؤلاء الثقات إذا سمعوا ذلك كيف يحتمل نقلهم مالا يَثِقون بصحّته ولا يعتمدون على حقّيّته ، بل من المقطوع والمعلوم عادةً من أمثالهم أنّهم لايذكرون ولايريدون في مصنّفاتهم إلاّ ما اتّضح لهم فيه الحال ، وأنّه في الصدق والاشتهار كالشمس في رابعة النهار؛ لأنّهم نوّاب حفّاظ الشريعة وحرّاسها ، وبهم استحكام بنائها وأساسها ، فلا حاجة إلى ملاحظة السند الموقوفة على الرجوع إلى علم الرجال غالباً ، كما مرّ .
وفيه أوّلاً : أنّ العمل بأخبار هؤلاء في المدح والقدح ونحوهما من أحوال الرواة في الجملة ، ممّا أجمع عليه الفريقان وإن اختلفوا في جهة الحجيّة إنّها

1.الحدائق الناضرة ، ج ۱ ، ص ۱۶ و ۱۷؛ الدرّة النجفيّة ، ص ۱۶۸

الصفحه من 484