لبّ اللباب في علم الرجال - الصفحه 429

الشهادة أو الرواية أو الظنّ الاجتهاديّ ، وليس حال تصحيحهم كذلك ، فالإجماع القاطع مرجّح وموجب العمل به ثَمَّةَ ، مضافاً إلى أنّ العقل الذي هو النور الساطع أيضاً بذلك قاطع ، حذراً عن لزوم المفاسد الشنيعة التي منها لزوم إبطال الشريعة ، كما لا يخفى على مَن له أدنى مسكة وبصيرة!
وثانياً : أنّه لا يخلو الجرح والتعديل عن الأقسام الثلاثة ، ولا يتحقّق شيء منها في تصحيحهم . أمّا عدم تحقّق الشهادة فلأنّها عبارة عن إخبار جازم بما شاهده أو سمعه أو علمه .
وكلام الصدوق الذي هو أصرح في مقصود المستدلّ بزعمه يدلّ على خلافه حيث قال : «بل قصدتُ إلى إيراد ما أُفتي به وأحكم بصحّته وأعتقدُ فيه أنّه حجّة فيما بيني وبين ربّي تقدّس ذكره» ۱ فإنّه يدلّ على أنّ تصحيحه إن كان يكون من باب حكمه وفتواه ، وذلك ليس شهادة بل اجتهاد ، ولا أقلّ من الاحتمال المنافي للاستدلال ، بخلاف قولهم في المدح والقدح ونحوهما؛ فإنّ ظاهر الأخبار الشهادة كما لا يخفى .
لايقال : لابدّ في حصول الشهادة من السماع من الشاهد ، ولا يكفي مجرّد نقله في كتابه في كونه شهادة .
لأنّا نقول : هذا مشترك الورود ، وهذا هو الداعي في عدم كون الجَرح والتعديل من باب الشهادة؛ للزوم عدم حصول حديث صحيح أصلاً أو ندرة حصوله غاية الندرة ، وكذا كونهما من باب الرواية ، فينحصر الأمر في الأخير ، وسيأتي عدم حصوله في الأوّل وحصوله في الثاني ، وإنّما ذكرنا الاحتمالين الأَوّلين جرياً على طريقة القائلين بهما .

1.الفقيه ، ج ۱ ، ص ۳ ، مقدّمة الكتاب .

الصفحه من 484