لبّ اللباب في علم الرجال - الصفحه 430

فإن قلتَ : فَعَلى هذا فما الفرق بين القسمين؟
قلتُ : الفرق أنّ الأوّل من باب الشهادة على المجهول والثاني من باب الشهادة على المعلوم ، والأوّل غير مسموع والثاني مسموع .
فإن قلتَ : كيف يمكن تحقّق الشهادة واطّلاع المصنّفين على حال الرواة مع بُعد العهد؟
قلتُ : الشهادة قد تكون علميّة ، والعلم قد يحصل من الشياع ونحوه كما في عدالة سلمان وأبي ذرّ وأمثالهما وفِسق أضدادهما .
وأمّا عدم تحقّق الرواية فلذلك أيضاً؛ لأنّها أيضاً شهادة إلاّ أنّ الفرق : أنّ المراد من الشهادة في هذا المقام لزوم التعدّد ومن الرواية عدمه ، مع التساوي في اشتراط العدالة ونحوها .
وأمّا عدم تحقّق الظنّ الاجتهادي؛ فلأنّ ملاحظة مخالفة الفحول واختلاط الفسوق ۱ والعدول ، وتعارض الأخبار الكاشف عن عدم صحّة الكلّ ، واحتمال صدور الخطإ عن غير المعصوم عليه السلام يقتضي التزلزل في صحّة كلٍّ من الأخبار المودَعَة في الكتب المتداولة قبل ملاحظة السند ، بخلاف ما يصدر منهم في المدح والقدح ونحوهما كما لا يخفى ، وذلك غير خفيّ على الذكيّ بل الغبيّ .
نعم لابدّ في قبوله من خلع ثوب الاعتساف والتلبّس بلباس الإنصاف .
وأمّا غيره فهو ممّن لا يصحّ التخاطب معه بشيء من الخطاب سيّما ما يتعلّق بمثل هذا الباب .
وثالثاً : أنّ القدماء ذكروا في شأن بعض الرواة أنّه «ممّن أجمعت العصابة على

1.كذا في النسخ ، والصحيح : «الفسّاق» .

الصفحه من 484