لبّ اللباب في علم الرجال - الصفحه 432

يتوقّف على ملاحظة السند والرجوع إلى علم الرجال؛ فإنّ الصحيح عند القدماء ربّما يكون متحقّقاً بملاحظة القرائن المفيدة للاعتماد ، بخلاف الصحيح عند المتأخّرين؛ فإنّ القرائن لمّا اختفت عليهم بسبب التقيّة ونحوها احتاجوا فيه إلى ظنّ كون الراوي عدلاً إماميّا ضابطاً ، وذلك لا يحصل غالباً إلاّ بعلم الرجال كما لا يخفى .
ورابعاً : أنّ الأخبار المرويّة عن الأئمّة عليهم السلام تدلّ على لزوم الرجوع إليه كما مرّ ، فإنّ ترجيح الأعدل عند التعارض لا يمكن إلاّ به؛ لعدم تعرّض القدماء لذلك إلاّ الشيخ نادراً ، على وجه لا يكون كافياً بالنسبة إلى الأخبار المتعارضة ، فكأنّ ما ذكر المستدلّ اجتهاد في مقابل النصّ بل العقل القاطع ، كما مرّ .
وخامساً : أنّ الشيخ ـ الذي هو مرجع الأخباريّين ـ قد بنى على الاجتهاد في السند والدلالة ، كما يشهد عليه كتاباه للمتتبّع ، فالعجب ممّن تابعه ينكره فكأنّه داخل في جملة من يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم ويقولون مالا يفعلون . وكفاية اجتهاده لغيره ممّا لا دليل عليه .
وكذا العجب أنّ القدماء لم يعوّل بعضهم على بعض ـ كما يشهد عليه كتاب الصدوق ـ مع قرب عهدهم وسهولة اطّلاعهم باعتقاداتهم وشهاداتهم ، وبعض المتأخّرين مَن يعوّل مع بُعده ، وستظهر إيرادات أُخر ممّا سيأتي إن شاء اللّه تعالى .
[الأمر الثاني] : أنّ الأخبار المودَعَة في الكتب الأربعة ـ الكافي والفقيه والتهذيب والاستبصار ـ كلّها قطعيّة الصدور معلومة الصحّة ۱ ، لايحتاج في الاعتماد عليها إلى معرفة حال رواتها وصفة سلسلة سندها ، بل يجوز الاعتماد عليها وإن كان في طريقها وسندها الكذّاب الملعون والمقدوح المطعون؛ لشهادة

1.انظر : الفوائد المدنيّة ، ص ۴۰ ، ۵۳ و ۵۶؛ الدرّة النجفية ، ص ۱۶۸

الصفحه من 484