لبّ اللباب في علم الرجال - الصفحه 434

ولو سلّم القطع منهم فحصوله لهم لايستلزم حصوله لغيرهم لاعقلاً ولا عادة؛ لإمكان تصوّر الانفكاك ووقوعه كما في الإجماع المنقول بالنسبة إلى الناقل والمنقول له .
والقول بأنّ العلم بمعنى ما تَسكن إليه النفس وتقتضي العادة بصدقه ـ الذي يسمّى علماً عاديّاً وشرعياً ، يحصل من خبر الثقة الضابط المتحرِّز عن الكذب وغير الثقة المتحرَّز عنه أو المحفوف خبره بما يدلّ على صدقه ، كما كان حاصلاً للصحابة وأصحاب الأئمّة بخبر العدل الواحد وبالمكاتبة على يد الشخص الواحد ـ فاسد؛ لأنّ باب احتمال الخطإ العادي غير مسدود ، ومعه ينسدّ باب العلم العاديّ .
وإرادة ما يعلم لزوم العمل به هذر من الكلام؛ لأنّها مع كونها خلاف الظاهر تجعل النزاع لفظيّاً ، مع أنّ العلم بكون الراوي ثقة أو الظنّ به لا يحصل غالباً إلاّ بعلم الرجال ، كما مرّ .
وبالجملة فدعوى العلم إذا كانت ممّا تقتضي بفسادها عادة أهل الحرفة التي ينتسب إليها المدّعي وإن تأمّل غيرهم ممّن ليس يأنس بها ، غير مسموعة . ومجرّد الاطمئنان الذي يزول بعد التأمّل وملاحظة احتمال الخطإ ـ كما هو في أكثر أهل التقليد ـ ليس علماً ، ولذا يذمّ الكفّار بتقليد آبائهم ، والعامّة المطمئنّون بالظنون والاستحسانات في مقابل النصّ ، والعوامّ المطمئنّون بالاعتبارات العقليّة في المسألة الفقهيّة بمجرّد الرجوع إلى كتب الحديث والفقه؛ فإنّ في ذلك هدماً للشريعة ولزوم الهرج والمرج واختلال النظام .
نعم الجزم الذي لا يزول بأدنى تشكيك معتبر ، وهذا لا يحصل من مجرّد خبر الثقة؛ لما مرّ وإن حصل منه الاطمئنان الذي يجوز معه الخلاف عقلاً وعادةً ، وهو

الصفحه من 484