لبّ اللباب في علم الرجال - الصفحه 446

قلت ـ أوّلاً ـ : إنّ المعتبر هو الظنّ الثانويّ الباقي بعد الفحص وحصول العجز؛ لكون الأصل هو العلم .
ولا شكّ في أنّه إذا لوحظ اختلاف العلماء في كثير من الرجال ، الذين يحتمل كون ما نحن فيه منهم احتمالاً قويّاً ، يضمحلّ الظنّ البَدويّ ، فلم يكن باقياً حتّى يكون معتبراً .
وتوهّم كون الإطلاق محمولاً على ما هو المعتبر عند الكلّ ، فاسدٌ؛ إذ المتعارف في المحاورات العرفية التكلّم بمعتقدهم ، مضافاً إلى كون دَيْدَنِ العلماء أيضاً كذلك كما لا يخفى على المتتبّع .
فهذا التوهّم خلاف المشاهَد ، مع أنّ الصحيح عند الكلّ إنّما يتحقّق إذا تحقّق إخبارُ العَدْلَين الموجِبُ حصول المظَنَّة مع كون العدلين عادلَيْن عند الكلّ .
وتوهّم لزوم العسر أيضاً فاسد ، لسهولة الرجوع إلى كتب الرجال .
وثانياً : أنّ التصحيح عند المتأخّرين مبنيٌّ على الظنّ والتعديل على القطع ، واحتمال الخطإ في الظنّ أكثر فيحصل التزلزل ، بخلاف التعديل فإنّ الاحتمال فيه أقلّ فيحصل الظنّ بالعدالة .
مضافاً إلى أنّ الظنّ بعد النظر ممّا يعتبره جميع مَن قال بأنّ التعديل والجرح من باب الظنون الاجتهاديّة دون الظنّ قبله .
ويحكى عن بعضٍ الثاني؛ بناءاً على حصول المظنّة ، وعدم الدليل على التفرقة ، وقبح الترجيح بلا مرجّح ، فالضرورة الملجئة إلى اعتبارها في الجملة من غير فرقٍ كافيةٌ بعد ملاحظة ما ذكر ، وهو كما ترى .
وقيل : إن كان سند الرواية معيَّناً معهوداً بالذكر أو نحوه ، كان الحكم بالصحّة تعديلاً للراوي المعيَّن وإلاّ فلا .
ولعلّ المراد أنّ الداعي ـ وهو التعديل في الأول ـ موجود ، والمانع ـ وهو عدم

الصفحه من 484