منتخب الانوار في تاريخ الأئمة الأطهار - الصفحه 56

[الباب الثالث عشر : ] أبو محمد الحسن بن عليّ عليه السلام

ولمّا استشهد وليّ اللّه عليّ بن محمّد عليهماالسلام صار أمين اللّه ووليّ أمره ابنه الحسن بن عليّ بوصية أبيه . ۱
ويكنّى أبا محمّد، ولقبه الهادي الزَّكي .
وأمّه أمّ ولد يقال لها : سوسن ، ويقال : حديث . واللّه أعلم .
وكان مولده بسرّ من رأى ، سنة إحدى وثلاثين ومأتين من الهجرة . وأقام مع أبيه ثلاثا وعشرين سنة ، وبعد أبيه أيام إمامته ستّ سنين ، وكان في سني إمامته بقية أيّام المعتز ، ثَمّ ملك المهتدي ، والمعتمد ، وبعد مضيّ خمس سنين من ملك
المعتمد قُبض عليه السلام ويقال : استشهد وليّاللّه . ۲
قال أبو عليّ : حدّثني محمد بن الحسين بن عباد أنّه قال : مات ۳ أبو محمّد عليه السلام يوم الجمعة مع صلاة الغداة ، وكان في تلك اللّيلة قد كتب بيده كتبا كثيرة إلى المدينة ، وذلك في شهر ربيع الأوّل لثمان خلون منه، سنة ستّين ومأتين للهجرة ، ولم يحضره في ذلك الوقت إلاّ صقيل الجارية ، وعقيد الخادم ، ومَن علم اللّه غيرهما .
قال عقيد : فدعا بماء قد أُغلي بالمصطكي فجئنا به إليه ، فقال : أبدأ بالصلاة جيئوني فجئنا به ، وبسطنا في حجره المنديل ، وأخذ من صقيل الماء فغسل به وجهه وذراعيه مرّة مرّة، ومسح على رأسه وقدميه مسحا، وصلّى صلاة الصبح على فراشه .
وأخذ القدح ليشرب، فأقبل القدحُ يضرب ثناياه ، ويده ترعد ، فأخذت صقيل القدح من يده ، ومضى من ساعته ـ صلّى اللّه عليه ـ ودفن في داره بسرّ من رأى إلى جانب أبيه عليه السلام ، و صار إلى كرامة اللّه ـ جلّ جلاله ـ وقد كمل عمره تسعا وعشرين سنة .
قال : و قال لي ابن عبّاد : قدمتْ أمّ أبي محمّد عليه السلام من المدينة واسمها حديث حين اتّصل بها الخبر إلى سرّ من رأى ، فكانت لها أقاصيص يطول شرحها مع أخيه جعفر من مطالبته إياها بميراثه ، وسعايته بها إلى السلطان ، وكشف ما أمراللّه ـ عزّ وجلّ ـ بستره .
وادّعت عند ذلك صقيل أنّها حامل فحملت إلى دار المعتمد ، فجعلن نساء المعتمد وخدمه ونساء الموفّق وخدمه ونساء القاضي ابن أبي الشوارب يتعاهدن أمرها في كلّ وقت ، ويراعونه إلى أن دهمهم أمر الصفّار ۴ ، وموت عبيداللّه بن يحيى بن خاقان بغتة، وخروجهم عن سرّ من رأى ، وأمر صاحب الزنج بالبصرة ، وغير ذلك ، فشغلهم عنها . ۵
وبابُه عثمان بن سعيدالعمريّ . ۶

الصفحه من 62