شرح الحديثين :« الريا شرك ، و تركه كفر » «حبّنا أهل البيت يكفّر الذنوب» - الصفحه 371

من نيله به ما ذكر له من علوّ المقام ، فإذا ذاق حلاوة الطاعة ، و سمع من العلماء ما يترتّب عليها عند اللّه من جزيل التوبة ـ الّتي جزء من ألف جزء منها أعظم من الدنيا و ما فيها ، و أستغفر اللّه من التحديد ـ عدل عن تلك النيّة و أعرض عنها و مال إلى الإخلاص للّه ـ سبحانه وتعالى ـ بعلمه .
و أيّدوا هذا المعنى بقول الإمام عليه السلام على ما قيل : « الأصل في الأعمال الرياء » ، و من ترك الرياء على هذا الوجه لم يعمل ، فيبقى بلا عمل .
و هذا وجه قريب .
و يؤيّده أيضا أنّا نرى : البلادُ الّتي يعظَّم فيها أهل العلم والصلاح و يُكرَّمون و تدرّ عليهم فيها الأرزاق يكثر فيها العلماء و الصلحاء ، و البلاد الّتي على الضدّ منها يقلّ فيها الصلحاء و طلاّب العلم حتّى يؤول الأمر إلى عدمهم .
إلاّ أنّ الأجود عندي ما ذكرت أوّلاً ، و إنّما صرنا إلى التأويل ؛ لأنّ حمل الكلام على الحقيقة لا يصحّ عقلاً و لا شرعا ، و كلّما لا يصحّ حمله على ظاهره وجب تأويله إلى ما يصحّ من المعاني ، واشترطنا كونهما من كلام المعصوم ؛ لأنّ المعصوم لا يتكلّم بما يخالف الصواب ، و لكن يتكلّم بما يراد به غير ظاهره لضرب من المصلحة ، فإذا ورد عنه ما يخالف ظاهره المعلوم عقلاً وشرعا ، وجب تأويله و ردّه إلى ما يوافق العقل و يطابق الشرع ، و متى ورد مثل ذلك عن غيره لم نحفل بردّه و إبطاله .
و هذا ما وصل إليه الفهم القاصر في معنى الكلامين ، و أستغفر اللّه من التقصير في النظر .
حرّره عليّ بن عبد اللّه البحراني ، في سابع جُمادى الاُولى سنة 1302 من الهجرة النبوية على مهاجرها و آله أفضل الصلاة و السلام .

الصفحه من 385