إبطال شبه المتأوّلين لنصّ ولاية أميرالمؤمنين - الصفحه 91

بسم اللّه الرحمن الرحيم
ممّا نقل من تأليف العلاّمة يحيى بن الحسين الحلّي ـ تولّى اللّه مكافأته ـ في دفع من لايريد أن يكون لفظة «مولى» في قوله صلى الله عليه و آله وسلم : «من كنت مولاه» نصّاً في أمير المؤمنين و سيّد الوصيّين ، ويريد إخراجها عن ظاهرها ، مِن ناصبيٍّ حاسدٍ ، أو مكابرٍ جاحد ، ذلك قوله :

[الفقرة الاولى] فصل في بيان [معنى] لفظة «مولى» في /5/اللغة .

اِعلم أنّ لفظة مولى معنى في اللغة تنقسم إلى عَشَرة أوجه :
أوّلها : الأوْلى ، و هو الأصل والعماد الّذي ترجع إليه المعاني في باقي الأقسام .
ثمّ اعلم أنّ أهل اللغة و مصنّفي العربية قد نصّوا على لفظة «مولى» أنّها تفيد الأوْلى ، و فسّروا ذلك في /6/ كتبهم : مِن كتاب اللّه تعالى ، و من أشعار العرب .
فأمّا من كتاب اللّه العزيز : فإن أبا عبيدة مَعْمَر بن المثنّى ـ و هو المقدّم في علم العربية ، غير مطعون عليه في معرفتها ـ قد ذكر في كتابه المتضمّن تفسير غريب القرآن ، المعروف بـ المجاز في سورة/7/ الحديد ، في تفسير قوله تعالى : «فاليومَ لايُؤخَذُ منكم فِديةٌ و لا مِن الّذين كفروا مأواكم النارُ هي مَولاكم و بِئسَ المصير » : يريد ـ جلّ اسمه ـ «هي أولى بكم» ، على ما جاء في التفسير ، واستشهد بقول لبيد/8/ :
فغدت كلا الفرخين تحسب أنّهامولى المخافة خلفَها وأمامَها
معناه : أولى بالمخافة ، يريد أنّ هذه الظبية تحيّرت فلم تدر خلفها أولى بالمخافة أم أمامها .
و بقول الأخطل في عبد الملك بن مروان :

فما وجدت فيها قريش لأمرها/۹/أعفّ و أوفى من أبيك و أمجدا
وأوْرى بزَنْدَيْه و لو كان غيرهغداة اختلاف الناس أكدى وأصلدا
فأصبحت مولاها من الناس كلّهموأحرى قريش أن تهاب و تحمدا
فخاطبه بلفظة «مولى» و هو خليفة مطاع ، و الأمر ۱ من حيث اختصّ /10/ بالمعنى الّذي احتمله ؛ و ليس أبو عبيدة متّهما بالتقصير في علم اللغة ، و لا مظنوناً به الميل إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، بل هو معدود من جملة الخوارج .
و قد شاركه في مثل ذلك التفسير ابن قتيبة و هو أيضاً /11/ لا ميل له إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، إلاّ أنّه لو علم أنّ الحقّ في هذا المعنى لقاله .
و قال الفرّاء في كتابه كتاب معاني القرآن ، في تفسير هذه الآية : إنَّ الوَليّ والمولى في لغة العرب واحد .
و قال أبو بكر محمّد بن القاسم الأنباري في كتابه /12/ المعروف بـ تفسير المشكل في القرآن ، في ذكر أقسام [ال]مولى : «إنّ المولى الوليُّ ، و المولى الأولى بالشيء» ، واستشهد على ذلك بالآية المتقدّم ذكرها ، و ببيت لبيد أيضا .

1.في العمدة : مطاع الأمر .

الصفحه من 104