الآخر ، ولهذا لا يقال : «العسل أحلى من الخل» ۱ ، ولا «إن النبي صلى الله عليه و آلهأفضل من إبليس» ، والعمل بلا نية ۲ لا خير فيه ولا ثواب عليه [فكيف تفضَّل النية الجميلة عليه وفيها خير وثواب على كل حال ؟ 
 قال :] ۳ والوجه الآخر : أن تكون ۴ نية المؤمن في الجميل خير من عمله الذي هو معصيته ۵ . 
 فقلت : وهذا يبطل أيضا بما بطل به الوجه الأول ؛ لأن المعصية لا خير فيها ، فيفضل غيرها عليها فيه . 
 وقالت الحضرة السامية ۶ تحقيقا لذلك وتصديقا : هذا هجو لنية المؤمن ، والكلام موضوع على مدحها وإطرائها ، وأي فضل لها في كونها ۷ خيرا من المعاصي! 
 فَسُئِلتُ حينئذٍ ذكر الوجه الذي عندي . فقلت : لا تحمل لفظة «خير» في الخبر على [معنى «أفعل» الذي هو ل] ۸ التفضيل ، فتسقط الشبهة ۹ ، ويصير ۱۰ معنى الكلام : «نية المؤمن من جملة الخير من أعماله» ، حتى لا يقدِّر مقدِّرٌ أن النية لا يدخلها الخير والشر ، كما يدخل ذلك في الأعمال . 
 فاستُحْسِنَ هذا الوجه الذي لا يُحْوِج إلى التعسف والتكلف اللذين يُحتاج إليهما إذا جعلنا لفظة «خير» للتفضيل ۱۱ . 
 وانقطع الكلام لدخول الوقت السعيد المختار لدخول البلد ونهوض الحضرة السامية ـ أدام اللّه سلطانها ـ للركوب ، وكان في نفسي أن أذكر شواهد لهذا الوجه ولواحق يقتضيها الكلام ، وخطر بعد ذلك ببالي وجهان سليمان من الطعن إذا حملنا لفظة «خير» في الخبر على
                         
                        
                            1.وانظر لمزيد البحث : قواعد الأحكام في مصالح الأنام لابن عبد السلام السلمي الشافعي ، ج۱ ، ص۲۲۵ (طبعة دار الشروق) ؛ إحياء علوم الدين للغزالي ، ج۴ ، ص۳۶۶ من طبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر .
2.في الغرر : «والعمل إذا عري من نية . . .» .
3.ما بين المعقوفين من الغرر المطبوع .
4.في الأصل : يكون ، والأنسب ما أدرجناه موافقا للغرر .
5.قد تقرأ : «معصية» ، وما أدرجناه موافق للأمالي .
6.في الغرر : « . . . السامية العادلة المنصورة أدام اللّه دولتها . . .» .
7.في الغرر : في أن تكون .
8.الزيادة من أمالي المرتضى .
9.في الأمالي : «وقد سقطت» .
10.في الغرر : «ويكون» ، بدلاً من : «ويصير» .
11.في الغرر : « . . . لفظة خير معناها معنى أفعل» . ونقله المصنف قدس سرهبالمعنى .