شرح حديث «نية المؤمن خير من عمله» - الصفحه 316

الآخر ، ولهذا لا يقال : «العسل أحلى من الخل» ۱ ، ولا «إن النبي صلى الله عليه و آلهأفضل من إبليس» ، والعمل بلا نية ۲ لا خير فيه ولا ثواب عليه [فكيف تفضَّل النية الجميلة عليه وفيها خير وثواب على كل حال ؟
قال :] ۳ والوجه الآخر : أن تكون ۴ نية المؤمن في الجميل خير من عمله الذي هو معصيته ۵ .
فقلت : وهذا يبطل أيضا بما بطل به الوجه الأول ؛ لأن المعصية لا خير فيها ، فيفضل غيرها عليها فيه .
وقالت الحضرة السامية ۶ تحقيقا لذلك وتصديقا : هذا هجو لنية المؤمن ، والكلام موضوع على مدحها وإطرائها ، وأي فضل لها في كونها ۷ خيرا من المعاصي!
فَسُئِلتُ حينئذٍ ذكر الوجه الذي عندي . فقلت : لا تحمل لفظة «خير» في الخبر على [معنى «أفعل» الذي هو ل] ۸ التفضيل ، فتسقط الشبهة ۹ ، ويصير ۱۰ معنى الكلام : «نية المؤمن من جملة الخير من أعماله» ، حتى لا يقدِّر مقدِّرٌ أن النية لا يدخلها الخير والشر ، كما يدخل ذلك في الأعمال .
فاستُحْسِنَ هذا الوجه الذي لا يُحْوِج إلى التعسف والتكلف اللذين يُحتاج إليهما إذا جعلنا لفظة «خير» للتفضيل ۱۱ .
وانقطع الكلام لدخول الوقت السعيد المختار لدخول البلد ونهوض الحضرة السامية ـ أدام اللّه سلطانها ـ للركوب ، وكان في نفسي أن أذكر شواهد لهذا الوجه ولواحق يقتضيها الكلام ، وخطر بعد ذلك ببالي وجهان سليمان من الطعن إذا حملنا لفظة «خير» في الخبر على

1.وانظر لمزيد البحث : قواعد الأحكام في مصالح الأنام لابن عبد السلام السلمي الشافعي ، ج۱ ، ص۲۲۵ (طبعة دار الشروق) ؛ إحياء علوم الدين للغزالي ، ج۴ ، ص۳۶۶ من طبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر .

2.في الغرر : «والعمل إذا عري من نية . . .» .

3.ما بين المعقوفين من الغرر المطبوع .

4.في الأصل : يكون ، والأنسب ما أدرجناه موافقا للغرر .

5.قد تقرأ : «معصية» ، وما أدرجناه موافق للأمالي .

6.في الغرر : « . . . السامية العادلة المنصورة أدام اللّه دولتها . . .» .

7.في الغرر : في أن تكون .

8.الزيادة من أمالي المرتضى .

9.في الأمالي : «وقد سقطت» .

10.في الغرر : «ويكون» ، بدلاً من : «ويصير» .

11.في الغرر : « . . . لفظة خير معناها معنى أفعل» . ونقله المصنف قدس سرهبالمعنى .

الصفحه من 346