بأن يجعل إطلاقها أو عمومها مقيّدا أو مخصَّصا بنية المؤمن ، والمخصص هذا الحديث وغيره من الأحاديث المروية في الكافي وغيره من أن المؤمن إذا نوى سيئة لا تكتب عليه حتى يعملها ، فإن هو عملها اُجِّلَ سبع ساعات ، فإن استغفر لم تكتب ، وإلاّ كتبت بواحدة ۱
 . 
 فهذا الحديث وأمثاله خصَّصَ العقوبة على النية بنية غير المؤمن ، والتخصيص شائع ذائع ، حتى قيل : إنه ما من عامّ إلاّ وقد خصّ منه . 
 وعلى هذا فلا إشكال في ما يروى من أن نية الكافر شر من عمله ؛ إذ ذلك أيضا من المخصّصات لحديث النية المجردة ، وذلك واضح ، فإن استبعد أحد أو أشكل عليه تصوّر كون النية أشق من العمل ، ولم يحصل له ممّا ذكرنا الإذعان الجازم بذلك لإلْف ذهنه بالنية اللغوية ، أو يقول : إن هذا شيء نقلتَه أنت عن غيرك أيضا ، فأين ما قلت : إنك تفردتَ به ووعدته ، «فأتِنا بما تَعِدُنا إن كنتَ من الصادقين » . 
 فنقول له : إنا نجيب عن تلك المعارضة بطريق آخر يفهمه كل لبيب ، ولم يسبقنا إليه مجيب ، فنقول : 
 قد صرح أهل اللغة والتفسير والفقهاء والمحدثون بأن النية ليست بعمل ، والعمل مخصوص بالعلاج ، وممّن صرح بذلك أيضا السيّد المرتضى كما نقلنا عنه ونقله عنه أيضا الشهيد ساكتا عليه حيث سأل أن النية من أفعال القلوب فكيف تكون عملاً ؛ لأنه مختص بالعلاج ؟ 
 وأجاب بقوله : 
 قلت : جاز أن تسمى عملاً ، كما جاز أن تسمى فعلاً ، أو يكون إطلاق العمل عليها مَجازا . انتهى . 
 فقوله : كما جاز ۲ ، لا طائل تحته ؛ لأنه قياس في اللغة ، وأما المجاز فمشكل هنا أيضا ؛ لأن الكلام في الاستعمال والمفروض أن أحدا لم يستعمله كذلك لا حقيقةً
                         
                        
                            1.بحار الأنوار ، ج۵ ، ص۳۲۷ مع اختلاف .
2.في المخطوطة : «جاز جاز» ، والثاني زائد .