غيبة الإمام المهدي (عليه السلام) بين النصوص و النقود - الصفحه 26

«وكذلك القائم (عليه السلام) تمتدُّ أيّام غيبته ، ليصرّح الحقّ عن محضه ، ويصفو الإيمان منالكدر ; بارتداد كلّ مَن كانت طينته خبيثةً من الشيعة الذين يخشى عليهم النفاق» .
وعن موسى بن جعفر (عليه السلام) في الحديث ۱ المتقدّم: «إنّما هي محنةٌ من الله عزّوجلّ امتحن الله بها خلقه» .
وعن الرضا (عليه السلام) ۲ : «لايكون الذي تمدّون إليه أعينكم حتّى تميّزوا وتمحّصوا ، وحتّى لايبقى منكم إلاّ الأندرُ» ثمّ تلا: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَم اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَم الْصَّابِرِينَ .
والأخبار الواردة في هذا المعنى كثيرةٌ ، أوردها في «البحار» باب التمحيص .

وممّا يمكن أن يقال في حكمة الغيبة:

أنّ النفوس البشريّة لم تكتملْ بعدُ لقبول دعوة الإمام العامّة ، ولم تستعدّ للأخذ بأحكامه بالطوع والرغبة ، فإنّ شأن هذا الإمام بسط العدل والهداية ونشر الشريعة الواقعيّة في جميع أنحاء الأرض من شرقها إلى غربها ، وبسط ملكه وسلطانه على جميع الخلق من بَرّها وفاجرها ، وله سيرةٌ خاصّةٌ في الحكم بين الناس غير معروفة حتى الآن ، وعنده الأحكام الواقعيّة غير ما هو الظاهر عندنا ، حتّى ورد: «إنّه يدعو الناس إلى دين جديد» يعني إلى الأحكام الواقعيّة للإسلام ، المجهولة عند الناس ، فيتصورونه عندهم جديداً .
وهذا موقوف على استعداد النفوس وصلاحيّتها للخضوع إلى حكمه وهداياته ، لأنّ من حكمة الله تعالى ولطفه أن يهدي الناس على قدر ما جعل فيهم من القوّة والاستعداد; قال الله تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا فكما أنّرسول الله (صلى الله عليه وآله) أنذر قومه بمكّة ثلاث عشرة سنة ; فلم يقبل منه جمهور أهلها ، لكن

1.الكافي باب الغيبة وفي البحار عن غيبة الطوسي باب التمحيص .

2.البحار باب التمحيص ، وغيبة الطوسي (ص ۳۳۵) .

الصفحه من 37