غيبة الإمام المهدي (عليه السلام) بين النصوص و النقود - الصفحه 30

عبادته ، كما قال تعالى لموسى : فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِىُّ {وقال تعالى : أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ .
نعم ، إذا بلغ الأمر في البدع والفتن إلى حدٍّ تزيد بهما الحَيرة ويصعب تحصيل المعرفة لمن أراد تحصيلها ،لكثرة الشبهات ; كان مقتضى لطف الله ورحمته الواسعة إظهار الإمام ، حتّى يرفع بدع الظالمين ، ويسهّل سبيل المؤمنين ، كما قال تعالى : يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَة مِنْ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِير وَلاَ نَذِير فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ فإنّ مفاده أنّ الله إنّما أرسل رسوله إليهم في حين بلغت الفترة إلى حدّ كان لهم: أن يقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير ولذا قطع الله حجّتهم بقوله :فقد جاءكم بشيرٌ ونذيرٌ {فلو لم تبلغ الفترة إلى هذا الحدّ ، وأمكن قطع حجّتهم ببقاء البشير والنذير وآثاره من الكتاب; لم يلزم على الله إظهار الحجّة ، لكن بلوغ الأمر إلى هذا الحدّ موكولٌ إلى علم الله ، فهو العالم .
هذا ما استفدته ـ في هذا البحث ـ من الأخبار وكلمات الأصحاب ، مع تقريبه و تشييده بما سنح على الخاطر ، والهداية من الله .
وهنا تفصيلات أُخر أعرضنا عن بيانها حذراً من الإطناب ، فمن أراد الوقوف عليها فليطلبها من «غيبة الشيخ الطوسي» و«غيبة المفيد» و«تنزيه الأنبياء للسيّد المرتضى» و«إكمال الدين للصدوق» وغيرها من كتب الكلام والإمامة .
ودونك المجلّد الثالث عشر من «البحار» وكتاب «المهدي» للسيّد صدر الدين الصدر (قدس سره) .
لكن العمدة ما ذكره الأصحاب ، وذكرناه أوّلا ، من أنّ حكمة الغيبة ـ إذا خفيتْ على الناس ـ فخفاؤها لايوجب شيئاً من الجحود والاستنكار ، ولاالشكّ والارتياب ، إذا دلّ عليها الدليل القاطع .

الصفحه من 37