فيظهر من ذلك أنّ ما رواه في «الكافي» عن محمّد بن عثمان العَمْرِيّ: أنّ صاحب هذا الأمر يحضر الموسم في كلّ سنة ، يرى الناس ويرونه ، ويعرفهم ولايعرفونه .
راجع إلى زمان الغيبة الصغرى ، التي كان محمّد بن عثمان فيها .
لكن ذكر بعض الأصحاب ، كالسيّد ابن زهرة في بحث الإجماع من «الغُنية» في كيفية الاطّلاع على رأيه ; لتحصيل الإجماع : أنّ المراد من الغيبة المعنى الثاني ، وأنّ الإمام فينا وبين أظهرنا ، نلقاهُ ويلقانا ، وإن كنّا لانعرفه بعينه ، ولا نميّزه عن غيره ، ومعنى الغائب: أنّه مجهول العين ، فما منزلته عندنا في حال الغيبة إلاّ بمنزلة كلّ من لانعرفه بنسبه من الإماميّة . انتهى .
ويظهر ذلك ـ أيضاً ـ من الشيخ في «العدّة» حيث اشترط في حجّية الإجماع دخول مَن يجهل نسبُه في المجمعين ، ليكون هو الإمام ، وأنّه لو خرج منهم واحدٌ معلوم النسب ، لم تسقط حجّيته ، للعلم بأنّ الخارج حينئذ ليس الإمام .
سيّما قوله بعد ذلك: «لايجوز أن تختلف الإماميّة على قولين بنحو يكون أحد القولين لواحد والآخر للباقين ، إذا كانوا معروفين بأسمائهم وأنسابهم ، فإنّ ذلك يؤدّي إلى العلم بأنّ الواحد المخالف لهم هو الإمام ، وهو ينافي غيبته» .
وقال السيّد الصدر في كتاب «المهدي» : ربما يظنّ بعضهم أنّ المراد من الغيبة أنّه لايُرى ، لكنّه ظنٌّ لاحقيقةَ له ، بل المراد أنّه لايُعرف بشخصه وعنوانه ، ولذا ورد في بعض الأخبار : «أنّه ۱ إذا ظهر ، قال الناس: إنّا قد رأيناه قبل ذلك» .
أقول: وربما يدلّ على ذلك ما في الأخبار من تشبيه غيبته بغيبة يوسف النبيّ(عليه السلام)وأنّ فيه سنّته ، كما في خبر ۲ أبي بصير ، عن الصادق: «إنّ في صاحب هذا الأمر سنناً من الأنبياء» قال : «وأمّا سنّته من يوسف فالستر ، جعل الله بينه وبين
1.لم أعثر على موضع هذا الخبر في كتب الأخبار .
2.البحار باب ما فيه من سنن الأنبياء (ج۵۱) ، وإكمال الدين (ص ۳۵۰ ) .