التقيّة في القرآن و السنّة بين السائل و المجيب - الصفحه 52

ونرى في هذه الآية لفظ «تقاة» والتقيّة والتقاة كلاهما مترادفان ، كما قلنا في جواب السؤال الأوّل .
والإمام السيوطي يقول في تفسير هذه الآية: وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، من طريق العوفي ، عن ابن عباس ، في قوله: إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً فالتقيّة باللسان: من حمل على أمر يتكلّم به وهو معصية لله ، فيتكلّم به مخافة الناس ، وقلبه مطمئن بالإيمان ، فإنّ ذلك لايضرّه ، إنّما التقيّة باللسان . . .
وأخرج عبد بن حميد ، عن الحسن ، قال: التقيّة جائزةٌ إلى يوم القيامة . .
وأخرج عن أبي رجاء أنّه كان يقرأ: إلاّ أن تتّقوا منهم تقاة .
وأخرج عبد بن حميد ، عن قتادة أنّه كان يقرأها: «إلاّ أن تتّقوا منهم تقيّة» بالياء ۱  .
والإمام فخر الدين الرازي كتب في تفسيره بعض الأحكام المتعلّقة بالتقيّة ، ذيل هذه الآية ، ونحن ننقل بعضها ههنا:
الحكم الثالث للتقيّة: أنّها إنّما تجوز في ما يتعلّق بإظهار المُوالاة والمُعاداة ، وقد تجوز ـ أيضاً ـ في ما يتعلّق بإظهار الدين . فأمّا ما يرجع إلى الغير ، كالقتل والزنا وغصب الأموال والشهادة بالزور وقذف المحصنات وإطلاع الكفّار على عورات المسلمين ، فذلك غير جائز ، ألبتّةَ .
الحكم الرابع: ظاهر الآية يدلّ على أنّ التقيّةَ إنّما تحلّ مع الكفّار الغالبين إلاّ أنّ مذهب الشافعي (رضي الله عنه): أنّ الحالة بين المسلمين ، إذا شاكلت الحالة بين المسلمين والمشركين ، حلّت التقيّة محاماةً على النفس .
الحكم الخامس: التقيّةُ جائزةٌ لصون النفس ، وهل هي جائزةٌ لصون المال ؟
يحتمل أن يحكم فيها بالجواز ،لقوله (صلى الله عليه وآله): «حرمة مال المسلم كحرمة دمه» ،

1.الإمام السيوطي الدرّ المنثور ج۲ ص۱۲ ـ ۱۶ .

الصفحه من 63