التقيّة في القرآن و السنّة بين السائل و المجيب - الصفحه 61

الضررين» فالتكلّم بكلمة باطلة ليس بأكبر من إلقاء نفس محترمة في التهلكة ، ولذا يكون الكذب الظاهريّ راجحاً على الاقتحام على الموت .
فالآن نفرض أنّ احتفاظ حياتك بالتقيّة يتوقّف على إلقاء مؤمن آخر في التهلكة ، فماذا تفعل أنت ؟
العقل يحكم بأن تضحّي بنفسك ، ولاتعرّض مسلماً آخر للموت ; لأنّ المفروض أنّ مؤمناً سيقتل لامحالة في الحالين: إمّا أنت ، أو ذلك المؤمن ، فالأفضل أن تتقدّم أنتَ ، ولا تلتجئ إلى التقيّة ، لئلاّ تكون سبباً لهلاك مؤمن آخر .
ثمّ نفرض أنّ رجلاً لو تمسّك بالتقيّة ، فهذا العمل يكون سبباً لوقوع خلق كثير في الضلالة والردى ، فبناءً على الأصل المتقدّم التقيّة تكون حراماً لهذا المؤمن ; لأنّ احتفاظ بنفس واحدة وحتى نفوس عديدة ليس له أيّ وزن في مقابل فتح باب الضلالة للخلائق .
والآن ننظر إلى واقعة كربلاء ومعطياتها:
فسيرة يزيد المليئة بالفسق والفجور والمجون والخلاعة ، معروفة ، ولا حاجة لنا إلى ذكر تفاصيلها ههنا .
وهكذا رجل يطلب البيعة من الإمام الحسين (عليه السلام)!! .
والحسين من هو ؟
هو ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) رمز القيم الإسلامية ، وشارة الاستقامة الدينية .
كتب يزيد إلى عامله بالمدينة أن يطالب الحسين بالبيعة له ، فإن أبى فليرسل رأسه إلى يزيد بدمشق .
فالإمام (عليه السلام) كان يعلم ـ علم اليقين ـ ماذا تكون نتيجة رفضه لتلك البيعة ، وفي نفس الوقت كان متيقّناً ـ حقّ اليقين ـ أنّه لو بايع يزيد الفجور ، والخمور ، والكفر ، والطغيان ، فالمسلمون في أنحاء العالم سيثقون بأنّ يزيد هو خليفة الرسول حقّاً ، وسيؤدّي هذا إلى التوقيع على جميع تصرّفات يزيد والتصديق بها وصيرورتها من

الصفحه من 63