صحبة الرسول (صلي الله عليه و آله) بين المنقول و المعقول - الصفحه 122

من الله لهم واضح من قوله : وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولاً ، فإنَّهم سيسألون عن ذلك العهد ، وما كان منهم اتجاهه ، وهل حافظوا عليه عليه أم نقضوه وجعلوه وراء ظهورهم ؟
ثمَّ يعقب على ذلك بأنَّ الفرار الذي صدر منكم لن ينفعكم ، فإنَّ الموت ليس ممَّا يختصُّ تحققه بأرض القتال والمعركة ، بل هو بيد الله يجعله حيث يشاء ويوقعه بمن شاء وقتما يشاء .
ونضيف هنا توضيحاً للإشكال: إنَّ الذين عاهدهم الله على عدم الفرار هل هم الصحابة أم المنافقون أم الكفار ؟ وهل أنَّ الفرار وقع منهم أم لا ؟ وهل حصَّلوا على ما أمَّلوا من الفرار أم لا ؟
نرجو من الكاتب أن يتأمل في النصوص القرآنية جيداً قبل أن تمسك يده بالقلم مرَّة أخرى .
المقطع الثالث: قوله تعالى: قَدْ يَعْلَم اللَّه المُعَوِّقِينَ مِنْكُم وَالقَائِلِينَ لإخْوَانِهِم هَلُمَّ إلَيْنَا وَلاَ يَأْتُونَ البَأْسَ إلاَّ قَلِيلاً * أَشِحَةً عَلَيكُم فَإذَا جَاءَ الخَوْفُ رَأَيْتَهُم يَنْظُرُونَ إلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُم كَالذِّي يُغْشَى عَلَيْهِ مِن المَوْتِ فَإذَا ذَهَبَ الخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَة حِدَاد أَشِحَةً عَلَى الخَيْر أُولَئِكَ لَمْ يُؤمِنُوا فَأحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُم وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرَاً الأحزاب: 18 ـ 19 .
وحقيقة الأمر أنَّ الله يعلم حال هذه الطائفة من الصحابة ، فهم ظاهراً مؤمنون ، بل يتظاهرون بذلك أمام المؤمنين ، ولكنَّهم إنَّما يسايرون المؤمنين لتثبيطهم عن الحرب ومنعهم من الخروج مع الرسول (صلى الله عليه وآله) لمقاتلة المشركين بعد ذلك ، وكانوا يقولون: ما كان محمدٌ وأصحابه إلا أكلة رأس ، ولو كانوا لحماً لأكلهم أبو سفيان .
فكانوا يستدعون ضعاف القلوب من الصحابة إليهم ويثبطونهم عن القتال ، لكنَّ كلَّ هذا لا يعني أنَّهم لم يكونوا من الصحابة ظاهراً ، خاصة على معنى الصحبة

الصفحه من 152