صحبة الرسول (صلي الله عليه و آله) بين المنقول و المعقول - الصفحه 101

وكذا آية الوعد : وَعَدَ اللَّهُ الذِّينَ آمَنُوا مِنْكُم وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا استَخْلَفَ الذِّينَ مِن قَبْلِهِم وَلَيُمَكِنَنَّ لَهُم دِينَه الذِّي ارتَضَى لَهُم وَلَيُبْدِلَنَّهُم مِن بَعْدِ خَوْفِهِم أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَر بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُم الفَاسِقُون۱  .
وهذه الآية ظاهرة في الوعد من الله للمؤمنين به حقاً بأن يجعلهم المستخلفين في الأرض وأن يعطيهم الأمان بشرط أن يتوجّهوا بالعبادة إلى اللَّه وأن لايشركوا به شيئاً; وإلاّ فمن يكفر به فهو في عداد الفاسقين المساوين للكفَّار في العقاب ، على ما يستفاد من آيات أخر  ، بل لا يبعد مساواة الفسق للكفر في نفسه كما يمكن استظهاره من بعض الآيات ، وللعلماء وأهل التفسير في هذه الآية آراء متعدّدة :
فقد قال الفخر الرازي ـ تبعاً للزمخشري ـ في تفسيره ۲ بأنَّها دالّة على صحّة خلافة الخلفاء الأربعة فإنَّهم هم الذي آمنوا ولم يبدّلوا ولم يغيّروا .
ووافقه البيضاوي ، فقد تحقّق مصداقه المنحصر فيه ، وقالوا: ما اجتمع الموعود والموعود به إلاّ لهم .
وقال آخرون : هي دالَّة على الاستخلاف للمسلمين جميعاً بعد نصرهم على الكفار في الجزيرة ، أو بعد فتح مكَّة ، فهي مساوقة ومرادفة لقوله تعالى : اليَوْمَ يَئِسَ الذينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُم فَلاَ تَخْشَوهُم وَاخْشَونِ . .۳  .
ولقوله تعالى : اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُم دِينَكُم وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُم نِعْمَتِي . . .۴  .
وقالت طائفة ثالثة بأنَّ الموعودين بهذا هم الأئمة(عليهم السلام) وأنَّ موعدهم معلوم عند اللَّه مخفيّ علينا ، وهو المرويّ عن أئمتنا(عليهم السلام) ، والذي ذكره الشيخ الطبرسي في

1.النور: ۵۵ .

2.الكشاف: ۳ / ۲۵۲ .

3.المائدة: ۳ .

الصفحه من 152