أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُم عَلَى أَعْقَابِكُم وَمَنْ يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِين آل عمران: 144 .
كان المسلمون قد بايعوا النبي (صلى الله عليه وآله) على أن ينصروه ولا يخذلوه في موقف من المواقف ، وقد سبق منَّا بيان خذلان بعضهم له بالكلام قبل معركة بدر .
وأمَّا في معركة أحد ففيها ظهرت خفايا نفوس لم تكن لتظهر لولا امتحان اللَّه لهم بهذه المعركة ، فاعلم أنَّه لمَّا رمى ابن قمئة الحارثي رسولَ اللَّه بحجر فكسر رباعيَّته وشجَّ وجهه تقدَّم ليقتله ، فذب عنه مصعب بن عمير حتى قتله ابن قمئة هذا ، فظنَّ أنَّه قتل النبي فنادى ـ وقيل : إنَّ المنادي هو الشيطان ـ أنْ: «قُتِلَ محمدٌ» ففشا في الناس خبر قتله فانكفأوا فناداهم رسول اللَّه: إليَّ يا عباد اللَّه . . فرجعت له فئة فَلاَمَهُم على هربهم 1 فقالوا : يارسول اللَّه أتانا خبر قتلك فرعبت قلوبنا فولَّيْنا مدبِرِين .
وقد روي أنَّه لما صرخ الصارخ قال بعض المسلمين: ليت عبداللَّه بن أبي يأخذ لنا أماناً من أبي سفيان 2 ، ولم يَرُق لهذا المُفَسِّر أن يذكر من هم أولئك البعض ، ولكن في بعض كتب السير أنَّهم كانوا جماعة من كبار الصحابة .
وقد نقل السيوطي في تفسيره للآية فقال: ذلك يوم أُحُد حين أصابهم ما أصابهم من القتل والجرح ، وتداعوا نبيَّ اللَّه ؟ قالوا : «قد قُتل» ، وقال جماعة منهم: لو كان نبيَّاً ما قُتل ، وقال أناس من عِلْيَةِ أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله): قاتلوا على ما قاتل عليه نبيُّكم حتى يفتح اللَّه عليكم أو تلحقوا به .
وذكر لنا أنَّ رجلاً من المهاجرين مرَّ على رجل من الأنصار يتخبط في دمه ،
1.وفي تفسير الطبري ۴ / ۱۲۱ أشار لما فيه تأنيب اللَّه عباده الذين فَرُّوا عن العدو يوم أحد وتركوا قتالهم .
2.تفسير الكشاف: ۱ / ۴۲۲ ـ ۴۲۳ ، تاريخ الطبري: ۲ / ۱۷۹ ، مغازي الواقدي: ۱ / ۲۸۰ ، تفسير ابن كثير: ۱ / ۶۴۹ ، والسيرة النبوية له: ۳ / ۶۸ .