صحبة الرسول (صلي الله عليه و آله) بين المنقول و المعقول - الصفحه 117

واحدة ، فيرموا عن غير قوسهم ، ويركبوا غير مركبهم ، كل ذلك انتصاراً لأقوامذهبوا بأعمالهم ولهم حسابهم الخاص عند اللَّه .
ولعلَّهم أسفوا لمَّا لم يشاركوهم في مثل تلك الأمور ، فقاموا للدفاع عنهم حتى ينالوا ما نالوا ؟؟
المقطع الرابع: قوله تعالى : إنَّ الذِّينَ تَوَلَّوْا مِنْكُم يَوْمَ التَقَى الجَمْعَانِ إنَّمَا استَزَلَّهُم الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُم إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيم الأنفال: 155 .
فإنَّ الآية أصرح ممَّا قبلها في بيان تحقق الفرار من الزحف خوفاً من المشركين ، ففي تفسير الكشاف التصريح بأنَّه لم يبقَ مع الرسول إلا سبعة أو أحد عشر أو اثنا عشر . . ، وفي دلائل النبوة للبيهقي : عندما سُئِلَ (صلى الله عليه وآله)عن الفارِّين من أرض المعركة يومئذ ، قال: كفر عامَّتهم ۱  .
وعلى كلّ حال; فليس غرضنا بيان حكمهم ، من حيث الثبات أمام العدو أو الفرار ، ولكنَّها روايات تُذكر في الباب فأحببنا ذكرها ، تنويهاً على حال الصحابة ، في مقابل ما دلَّس به هذا الكاتب على القُرَّاء من إخفاء ما ينبغي إظهاره ، أو التمسك بما هو ظاهر من صفاتهم لكل أحد وتعميمها على جميعهم ، وكأنَّه ليس يوجد غيره من صفات وأحوال .
وأمَّا آخر هذا المقطع ، والذي اقتطع الكاتب مثيله من آية أخرى ، وهو صدور العفو من ساحة القدس الإلهي ـ وهو العفوُّ الكريم ـ فهو مزيد تفضل ومنَّة من الله عزَّ وجلَّ عليهم ، لعلَّهم يتَّقُون في مستقبل أيامهم ولا يرجعوا إلى مثلها ، وذلك من حيث إنَّ الشيطان قد استزلَّهم فتابعوه ، خاصة وأنَّهم قد سبق منهم بيعته (صلى الله عليه وآله)على أن ينصروه ويؤازروه وأن لايخذلوه ، فكان ذلك منهم خروجاً عن عهدهم ، ونقضاً

1.دلائل النبوة: ۳ / ۲۸۳ .

الصفحه من 152