صحبة الرسول (صلي الله عليه و آله) بين المنقول و المعقول - الصفحه 120

إلى تسع آيات من سورة الأحزاب .
ولكنَّ هذا الكاتب ـ كعادته ـ اقتصر منها على ثلاث آيات وهي مما يوافق هواه ، وترك ما يمكن أن يخدش بكرامة مَنْ ينافح عنهم مستميتاً بماله ودمه وقلمه وفكره ، فاستمعْ لهذه الآيات لترى صحَّة دعوانا وكذب دعواه على إطلاقها:
المقطع الأوَّل: قوله تعالى: يَاأَيُّهَا الذِّينَ آمَنُوا اذكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيكُم إذْ جَاءَتْكُم جُنُودٌ فَأرسَلْنَا عَلَيْهِم رِيحَاً وَجُنُودَاً لَمْ تَرَوْهَا وكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرَاً * إذْ جَاءُوكُم مِن فَوْقِكُم وَمِن أَسْفَلَ مِنكُم وإذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلَغَت القُلُوبُ الحَنَاجِر وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابتُلِي المُؤمِنُونَ وَزُلزِلُوا زِلزَالاً شَدِيدَاً * الأحزاب: 11 .
في هذه الآيات تذكير من اللَّه عزَّ وجلَّ بنعمته على المسلمين بأن أعانهم على ردِّ تلك الجنود حيث جاءوهم من جانبين: من الأعلى وهم اليهود والقبائل ، ومن الأسفل وهم قريش .
كما بيَّنت الآيات الحالة النفسيَّة للمسلمين من خلال الفزع الذي انتابهم بصورتين: زاغت الأبصار ; أي مَالَتْ وكادت أن تأفل وتطير من محلها ، وبلغت القلوب الحناجر ، كنايةً عن قرب الموت لهم .
فظنوا ظنَّ السوء بالنبي ونبوَّة النبي فقالوا: لو كان نبي حقٍّ لما خذله ربُّه ، وهو ظنُّ سوء باللَّه عزَّ وجلَّ ، وشكٌّ في حقيَّة رسالة النبي (صلى الله عليه وآله) .
وإليك شاهداً على ذلك الخوف والقلق النفسي والشك الذي انتابهم: فقد ذكر البيهقي ۱ في سننه الكبرى عن حذيفة: قال رجل: لو أدركتُ رسول الله قاتلتُ معه أو أبليتُ ، فقال له حذيفة : أنتَ كنتَ تفعل ذلك ؟ لقد رأيتنا مع رسول الله ليلةالأحزاب في ليلة ذات ريح شديدة ومرَّ (صلى الله عليه وآله) فقال: ألا رجل يأتيني بخبر القوم يكون

1.سنن البيهقي: ۹ / ۱۴۸ .

الصفحه من 152