معي يوم القيامة ، فلم يجبه منَّا أحدٌ ، ثمَّ نادى الثانية ثمَّ قال: يا حذيفة قم فأْتِنَا بخبرالقوم ، فلم أجد بدَّاً من ذلك ، وقد ذكر اسمي . وقد رواه مسلم أيضاً ۱ .
ومن عباراتهم قول معتب بن قشير: كان محمد يعدنا كنوز كسرى وقيصر ونحن لا نقدر الآن أن نذهب إلى الغائط ۲ .
وعلى هذا فقوله تعالى: وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا خطاب للذين آمنوا ، هذا مع أنَّ منهم الثابت القلب والقدم ، هذه طائفة خاطبها القرآن ، والطائفة الثانية الذين هم على حرف ، والثالثة هم المنافقون الذين لم يكن الإيمان إلا بألسنتهم .
فأمَّا قول المنافقين ; فقد حكاه القرآن ، وأمَّا قول مرضى القلوب فهو ما حكيناه سابقاً عن معتب وأمثاله ، وأمَّا قول المؤمنين فهو: أنَّنا مُبْتَلَوْن من الله في هذه الوقعة ، ولذا حكى عنهم القرآن . .وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدَاً . .
وأمَّا ضعاف القلوب فهم الذين قالوا : إنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِي بِعَورَة إن يُرِيدُونَ إلاَّ فِرَارَاً . .
المقطع الثاني: قوله تعالى : وَلَقَد كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لاَ يُوَلُّونَ الأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولاً * قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُم الفِرَارُ إنْ فَرَرْتُم مِن المَوتِ أَوْ القَتْلِ وَإذَاً لاَ تُمَتَّعُونَ إلاَّ قَلِيلاً * الأحزاب: 15 ـ 16 .
من الأمور التي أوجبت زيادة خوف المسلمين ووجيبهم هو مخالفة بعض القبائل لهدنتها مع النبيِّ ، ونقضها للعهد المضروب منهم للنبيِّ بأن لا يحاربوه ولا ينتصروا لغيره عليه ، وهذا الذي أوجب لهم الخوف ونقض ما عاهدوا رسول الله في بيعتهم له بعد تراجعهم له في أحد حيث أخذ العهد عليهم أن لا يفروا ثانية وإلانزل بهم العذاب ، وبأن لا يولُّوا الأدبار ، ولا يفرُّوا من الزحف ، والتقريع والإيعاد
1.صحيح مسلم: ۳ / ۱۴۱۴ .
2.تفسير الكشاف: ۳ / ۵۲۶ .