عندكم ، وهو: من رأى النبي زماناً ، أو مَن رآه وصحبه وروى عنه .
وكذا على المعنى المختار لك أيها الكاتب بأنَّ الصحابي من آمن بالنبي وصحبه ولو لفترة ، ولا شكَّ أنَّ هؤلاء ممَّن رآه وآمن به ، ولكن هكذا تكون القلوب المريضة التي لم تؤثّر فيها الصحبة ، وكما وصفها القرآن فقد قال تعالى حاكياً عنهم: وَإذَا لَقُوا الذِّينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإذَا خَلَوْا إلَى شَيَاطِينِهِم قَالُوا إنَّا مَعَكُم إنَّمَا نَحْنُ مَسْتَهْزِؤُون۱ ، فتراهم يُسايِرون المؤمنين إلا أنَّ قلوبهم ليست معهم ، ويخافون أن يتخطفهم الموت ، والمعبَّر عنه في الآيات بالبأس ، فلا يقدمون عليه إلا للدفاع عن أنفسهم .
ولكن بعد انتهاء المعركة يُحادُّون المؤمنين بألسنتهم طلباً للغنائم ، وكأنَّهم قاتلوا معهم ، ولذا أخبر في آخر الآية بأنَّهم يُظهرون لكم الإيمان ، ولكنَّهم ليسوا مؤمنين واقعاً:أُولَئِكَ لَمْ يُؤمِنُوا .
المقطع الرابع: قوله تعالى : وَلَمَّا رَأَى المُؤمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُه وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُه وَمَا زَادَهُم إلاَّ إيمَانَاً وَتَسْلِيمَاً*الأحزاب: 22 .
هذا بيان لقسم من الصحابة الذين قد ناصروا النبي وصدقوا ما عاهدواعليه ، وهم الذين بلغوا من الإيمان الدرجة الكبيرة ، ولذا فلم يزدهم تجمُّع الأحزاب خوفاً ، و لم يورثهم شكاً في دينهم ، أو في رسالة نبيهم ، كما وقع ذلك للطائفة السابقة من الصحابة; فقال حاكياً حالهم: وَيَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ، حيث ظنُّوا ظنَّ الجاهليَّة ، ولكنَّ هذا ليس مدحاً لكل الصحابة ; كما هو واضح .
وعلى هذا يتَّضح أنَّ الصحابة لم يكونوا كلّهم على نسق واحد ، وفي درجة واحدة من الإيمان بالنبي وبحقيَّة رسالته ، بل كانوا يتفاوتون في ذلك ، وهذا في حد