صحبة الرسول (صلي الله عليه و آله) بين المنقول و المعقول - الصفحه 69

المفهوم عند الصحابة أنفسهم ، إما بتضييق وإما بتوسعة له ، لا أنَّه تحديد منطقي لمفهومها .
ومن نماذج استعمال الصحبة في معنى أضيق دائرةً: ما ذهب إليه أنس بن مالك من أنَّ رؤية النبيّ(صلى الله عليه وآله) غير كافية في اعتبار الرجل صحابيّاً ، فقد سئل: هل بقي من الصحابة غيرك ؟ فقال: بقي أناسٌ من الأعراب ، أمَّا الصحبة فلا ۱  .
كما مرَّ نقل اشتراط سعيد بن المسيب لكي يكون الرجل صحابياً أنْ يقيم مع رسول الله سنةً أو سنتين أو أن يغزو معه غزوةً أو غزوتين ۲  .
ولكنَّ السمعانيّ ألغى اعتبار زمن محدّد لمعنى الصحبة أكثر ممَّن سبق فقال: أصحاب الحديث يطلقون اسم الصحبة على كلِّ من صحب النبيّ شهراً أو يوماً أو ساعةً أو رآه .
ولكنَّ أحمد بن حنبل ضيَّق ذلك المعنى فقال: أصحاب رسول الله كلّ من صحبه وروى عن النبيّ ولو حديثاً أو كلمة ۳  .
فإنَّ بين هذا التعريف ، وما ذكره السمعاني ، عموماً مطلقاً ، والوجه اشتراط أحمد بن حنبل الرواية ، وهي فرع الرؤية طبعاً .
ولكنَّ الغزالي قال: لاينطبق اسم الصحبة إلاّ على من صحبه . . .إلى أن قال: ولكنَّ العرف يخصّصه بمن طالت صحبته .
وقال ابن حجر العسقلانيّ ـ بعد أن ناقش التعريفات السابقة ـ : أصحّ ما وقفتُ عليه في تعريف الصحابيّ أنَّه من لقي النبيّ مؤمناً به ، ومات على الإسلام ۴  .
و أمَّا ما اختاره هذا الكاتب الذي نحن بصدد المناقشة لما كتبه ; فالصحابي

1.مقدمة ابن الصلاح: ص ۱۱۸ ـ ۱۱۹ .

2.المصدر السابق .

3.جامع الأصول لابن الأثير: ۱ / ۱۳ .

4.مقدمة كتاب نقعة الصديان فيمن في صحبتهم نظر; للصاغاني ، عن كتاب الإصابة: ۱ / ۱۰ .

الصفحه من 152