صحبة الرسول (صلي الله عليه و آله) بين المنقول و المعقول - الصفحه 75

النفس الأمَّارة بالسوء ، ويغلب عليه هواه ، وحبُّهُ الجاهَ والسلطانَ لأن يرتكب مايخالف أوامر الرسول (صلى الله عليه وآله) ونواهيه ، والشواهد على ذلك كثيرة من الصحاح فضلاً عن كتب التاريخ والسيرة .
وبعد هذه المقدمة ندخل في البحث ضمن نقاط:

النقطة الأولى: بعد أن استفتح الكاتب موضوعه ببضع آيات من الكتاب العزيز ذكر أنَّ الآيات صريحةٌ في التلازم بين الرسول الكريم وأصحابه ، من حيث تبيينها لوظيفة الرسول بين صحبه ، وهو قد قام بها أفضل قيام ، وعلَّمهم وربَّاهم أفضل تربية ۱ فلا شكَّ وأنَّ المتربّين تحت يده ، والمتعلّمين بتعاليمه سيكونون أفضل الناس بعده(صلى الله عليه وآله) .

ولنقرأ معاً هذه الآيات ، لنرى هل أنَّ في شيء منها إشعاراً ، فضلاً عن التوصيف ، فضلاً عن الدلالة على ما يدعيه هذا الكاتب ، من تلازم أم لا؟
قال تعالى : رَبَّنَا وَابعَثْ فِيهِم رَسُولاً مِنْهُم يَتْلُو عَلَيْهِم آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُم الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِم إنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيم۲  .
وقال تعالى : هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِينَ رَسُولاً مِنْهُم يَتْلُو عَلَيْهِم آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِم وَيُعَلِّمُهُم الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإنْ كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَل مُبِين۳  .
فما ترشد إليه هذه الآياتُ هو أنَّ الله بعث النبي (صلى الله عليه وآله) لتعليم الناس ولتزكيتهم وتربيتهم ، فهو بيانٌ للغاية من البعثة ، ولايختصّ ذلك بخصوص الصحابة ، فليس فيه ما ادّعاه الكاتب من التلازم بين الرسول كمعلِّم والصحابة كمتعلّمين ، بتوسط تحقّق تلك الغاية فيهم ، بل فيها دلالةٌ على عكس مدّعاه ومطلوبه ، وهو أنَّهم قبل مجيء النبيّ(صلى الله عليه وآله)وقبل تعليمهم كانوا في ظلمات الجهل والضلال ، ولكن بعد أن

1.صحبة رسول اللَّه(صلى الله عليه وآله): ص ۵ ـ ۸ .

2.البقرة: ۱۲۹ .

3.الجمعة: ۲ .

الصفحه من 152