علَّمهم النبي(صلى الله عليه وآله) ما ينبغي لهم العلم به ، وما ينبغي لهم عمله; هل اهتموا جميعاً لِمَا أمربه(صلى الله عليه وآله)؟ وهل اتّبعوه؟ وهل خرجوا من الضلال إلى الهدى بأجمعهم؟.
هذا ما لاتتحدّث عنه تلك الآيات ، و من كان له مسكة من عقل يتوجّه إلى عدم الملازمة بين أن يكون المعلّم كاملاً ، وبين أن يكون المتعلّمون استفادوا مما علَّمهم ، والوجدان قائمٌ على ذلك .
وإلاّ فلو تمَّت تلك الملازمة لحكمنا بتزكية كلِّ الأمم والشعوب التي سبقت ملَّتنا ، إذ أنَّ الأنبياء ـ قبل نبيِّنا(صلى الله عليه وآله)ـ قد أرسلوا إلى أقوامهم ليعلَّموهم وليقوموا بتزكيتهم .
ولكنَّ هذا اللازم واضح البطلان كما لا يخفى .
وعلى هذا ، فلا ربطَ بين ثبوت كلّ تلك الصفات للنبي (صلى الله عليه وآله) وبين عدم ثبوتها لمن كان معه من الناس; ممَّن قد يتوجّه لتعاليمه ، وقد لايتوجَّه لها ، لعارض أو لمانع ، ولو كان المانع هو عدم الرغبة فيها ، فقد ورد عن بعضهم اشتغالهم بالصفق في الأسواق ، فقد روى البخاري عن أبي هريرة: «إنَّ إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق ، وإنَّ إخواننا من الأنصار كان يشغلهم عمل أموالهم» ۱ . وفي أخرى: «كان يشغلهم صفق بالأسواق» ۲ وفي ثالثة مثلها ۳ ورابعة كذلك ۴ وفي خامسة عن أحمد في مسنده ۵ وفي سابعة «من المهاجرين كانت تشغلهم صفقاتهم في الأسواق ، من الأنصاركانت تشغلهم أرضوهموالقيام بها» ۶ .
1.صحيح البخاري: كتاب العلم ، حديث ۱۱۵ .
2.المصدر السابق ، كتاب البيوع ، حديث ۱۹۰۶ .
3.المصدر السابق ، كتاب المزارعة ، حديث ۲۱۷۹ .
4.صحيح البخاري ، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنَّة ، حديث ۶۸۰۷ .
5.مسند أحمد ، باقي سند المكثرين ، حديث ۶۹۷۶ .
6.المصدر السابق .