صحبة الرسول (صلي الله عليه و آله) بين المنقول و المعقول - الصفحه 77

إذن، فإمَّا أن ينكروا هذه الروايات ، ويلزم منه أحد أمرين:
1 ـ أن يردّوا بعض ما اتّفق على صحّته ، وهو ما وجد في صحيح البخاري ممَّا يرويه هذا الراوي ، ولم يكن معلّقاً ، وهذا يفتح الباب على مصراعيه للتشكيك والردّ لكثير من روايات البخاري .
2 ـ أن يمنعوا صدور مثل هذه الروايات عن أبي هريرة ، وهذا أيضاً يفتح الباب للتشكيك في الكثير من مرويَّات هذا الرجل ۱  .
فليس باختيار الكاتب أن يمنع أو أن يُثبت ما شاء له قلمه أو مِقَصُّ رقابته ، وقد اتفق العلماء ، وممَّن يعتمد على قوله منهم ، على صحَّة كلّ ما رواه البخاري في صحيحه ، مما لم يُعَلِّقْهُ ، ووجوب العمل به . فهو إلزام لهم بما لامفرَّ منه .
وإمَّا أن يعتقدوا بصدور هذه الروايات ، ويتمُّ الحفاظ على مرويّات البخاري ،إلاّ أنَّها ستكون مبتلاة بهذا الإشكال ، وهو انشغال الصحابة عن النبي(صلى الله عليه وآله)وعن تعاليمه ، فيثبت مدَّعانامن عدم توجّههم إلى تعاليم النبي(صلى الله عليه وآله) ۲  .

1.وفي الواقع ما فتىء أرباب البحث والتحقيق من العامة والخاصة يوماً فيوماً يظهرون المزيد من غوامض حياة هذا الرجل ، ولقد بيَّن بعضها قبل ثلاثين عاماً الشيخ محمود أبو رية في كتابه شيخ المضيرة وسبقه السيد عبدالحسين شرف الدين ، وتلاهما الكثير ممَّن تتبع أثر هذا الصحابي ، وفي هذه الأيام وصلت بأيدينا رسالة لمؤلف مغربي وهو الدكتور مصطفى بو هندي ، واسم الرسالة «أكثر أبوهريرة» شكَّك فيه ثبوت أصل صحبته للنبي بروايات من قِبَلِهِ نفسه ، وأنَّه كان قد سافر إلى طور سيناء للقاء كعب الأحبار فتلا عليه أموراً من التوراة ، وهذا يوجب التشكيك فيما يرويه عن النبي ، خاصة ، وأنَّه كان يهودياً ، وكعب الأحبار لم تخرج اليهودية من قلبه كذلك ، بشهادة الخليفة الثاني ، ولعله أظهر الأسلام ليكيد له ، بل ما تكشف عنه كلماته وآثاره ، وكلمات أمير المؤمنين وأبي ذرّ وغيرهم من الصحابة حيث يصمونه بابن اليهودية وباليهودي ، وفي هذا أكبر دليل وموجب للتشكيك في مرويات هذا الرجل وصاحبه !! خاصة الروايات الإسرائيليَّة .

2.سيأتي في ما بعد ما يشير إلى هذا من فعل بعض الصحابة ; بل جُلُّهم ، وكفانا أن نتوجه لما يمكن وروده عليهم من النقص في ما لو أسقطوا مرويات أبي هريرة فقط عن البخاري ، فهي بما يساوي ۲۶ % من كل رواياته .

الصفحه من 152