صحبة الرسول (صلي الله عليه و آله) بين المنقول و المعقول - الصفحه 78

وكذا يلزم عليهم ما ندّعيه في المقام من عدم الملازمة بين ما بُعث لأجله النبي(صلى الله عليه وآله) وما أدَّاه من وظيفة ، وبين التزامهم بتعاليمه (صلى الله عليه وآله) فيثبت مدَّعانا من عدم التزام الكثير منهم بتعاليمه ، بل عدم مداومة حضورهم عنده للتعلّم والاستفادة من علمه (صلى الله عليه وآله) والأخذ عنه (صلى الله عليه وآله) .
ثمَّ ما الذي يقصده من قوله: «نصوص صريحة» ؟
فأيّ صراحة فيها؟ وليس من حجَّة عند العقلاء إلاّ النصوصيَّة أو الظهور ، والفرض أنَّها ليست نصَّاً في المدّعى ، كما لايدعيه هو ، فإنَّ النصّ ما لايقبل التأويل ، ولا ظهور ـ أيضاً ـ فإنَّ الظاهر منها ما ذكرناه آنفاً ، وما عداه يحتاج إلى قرينة معيّنة ، أوصارفة عن غيره ، وأنَّى له هذا!!؟ إن كان يتكلّم على طريقة العرف في محاوراتهم! .

النقطة الثانية: لقد ادّعى أنَّ من كمال نعم الله على نبيَّه أن اختار له خير الأصحاب فهماً ورجولة وشجاعة . . . .إلى آخر ما ذكر .

وهذا أمر مسلَّم في الجملة ولكن . .لنا معه في ذلك عدَّة مواقف:
الموقف الأول: لا شكَّ أنَّ اللَّه عزَّ وجلَّ لما اصطفى نبيه لم يستشر أحداً في ذلك وهذا معلوم لكل أحد ، وحينما أرسله فإنَّما أرسله إلى الناس كافَّة ، ولكنَّ التبليغ والانذار كان أولاً لقومه ، ثمَّ شيئاً فشيئاً تدرجت الدعوة حتى عمَّت الخافقين ، ولم يكن قبول دعوته من قِبَل الناس شرطاً في صحَّة تلك الدعوة ، بحيث إنَّه لو لم يقبل أحدٌ منهم دعوته لزم بطلان نبوته ، وهذا مسلم أيضاً ، إذن فالنبي نبي ورسول من اللَّه عزَّ وجلَّ سواء قبلوا أم رفضوا ، فهو نبي بالحق قد جاء من عند الحق شاؤا أم أبوا ، اتبعوه أم خذلوه .
ثمَّ إنَّ دعوته لهم إنَّما كانت لرفع جهالتهم ودحض باطلهم وضلالهم ، فهم الذين كانوا محتاجين لدعوته ، وبمجيئه لهم تتم النعم عليهم وتكمل معارفهم ، فهم أهل

الصفحه من 152