صحبة الرسول (صلي الله عليه و آله) بين المنقول و المعقول - الصفحه 80

معادن فخيارهم في الجاهليَّة خيارهم في الإسلام ، إذا فقهوا» ۱  .
فبالإضافة للمناقشة في سند هذه الرواية ، فإنَّ المناقشة في دلالتها واضحة ، بل حتّى لو تمَّت دلالتها فغاية ما تثبته هو أنَّ كون الرجل من أهل الخير في الجاهليَّة فهو كذلك في الإسلام ، بشرط التفقّه في الدين ، وهذا أجنبي عمَّا يروم المؤلف إثباته إطلاقاً .
و لاينقضي عجبي من هذا الكاتب ، فإنَّ كلّ استدلالاته بهذه الصورة ، فهو يتوهّم أو يتقصّد هذا النحو من الكلام ، بأن يذكر الوصف المطلوب تحقّقه من الصحابة ، ومن ثمَّ يدّعي ثبوته فيهم كلِّهم ، وكأنَّه أمرٌ مسلَّمُ الثبوت ، وممَّا لايقبل النقاش أو الإنكار .
أخي الكاتب ـ وأنت يا أخي القارىء ـ ثبِّت العرش ثمَّ انقش ، فلو قال لك شخص : إنَّ في الطريق مَن اسمه زيد ، فهل يُثبِت هذا أنَّ كلَّ مَن في الطريق ، اسمه زيد !!؟
الموقف الرابع: إنَّ الإنسان العاقل يسير بقدر ما يسير به الدليل مرشداً لطريقه ، فأنَّى يوجهه يختار ، ولا ينبغي له أن يوجه هو الدليل ويُكيِّفُه ويُطوِّعه كما يشاء ، فإنَّ هذا هو الانحياز ، وعدم الحياد العلمي بأن تجعل الدليل طوع هواك وطبق رؤاك ، وهو أمر ممقوت من كل أحد ، ولذا نقول: قد صحَّت الآيات بأنَّ

1.صحيح البخاري: ۶ / ۲۹۸ ومسلم برقم ۲۵۲۶ باب خيار الناس ، إذ أنَّ آفة هذا الحديث هو انتهاء جلِّ ـ بل كلِّ ـ طرقه لأبي هريرة ، وفيه ما فيه ، علاوة على وجود حرملة بن يحيى الذي يروي عنه مسلم كثيراً وقد قال عنه أبو حاتم: يُكتَب حديثه ولا يحتج به ، وقال عنه ابن عدي سألت عنه عبداللَّه بن محمد الفرهاذاني؟ فقال : ضعيف ، ولم يجوز أحمد بن صالح الرواية عنه ، وأمَّا من جهة المتن ففي تتمته : « . .وخير الناس في هذا الأمر أكرههم له قبل أن يقع فيه . . .» ولعل في هذا إرادة المدح والتقرب من قبل أبي هريرة إلى بعضهم ممَّن كان شديداً على الدين قبل تظاهره بالإسلام .

الصفحه من 152