صحبة الرسول (صلي الله عليه و آله) بين المنقول و المعقول - الصفحه 83

وقد كان هذا أمراً يسيراً في مقابل تلك النعمة العظيمة ، والفضل الإلهي الكبير ، والذي لم يؤدّوه كما ينبغي ، وقد دلَّت على ذلك الروايات الكثيرة في الصحاح وغيرها .
الموقف السادس: قد قالوا في فقه القضاء: «البيّنة على المدّعي ، واليمين على من أنكر» .
وقد ادَّعى الكاتب: أنَّ هناك ملازمةً بين المحبَّة للرسول ، والاعتقاد بأنَّه أدّى الأمانة ، وبين تعديل الصحابة الذين أخذوا عنه الحديث ، وعاش بين أظهرهم ، وأنَّ الطعن فيهم طعنٌ في إمامهم وقائدهم !
فما هي بينته على ذلك !؟ ففي كلّ ما عرضه لم يأتِ لنا بدليل على ما ادَّعى ، لا شكَّ إذن أنَّه يرسل الكلمات جزافاً .
فإذا تبيَّن للمنصف العاقل أن لابيّنة للمدعي ، ظهر له أن لاملازمة بين الأمرين قطّ ، بل قد يجتمعان في واحد ويفترقان في آخر ، والتاريخ وتراجم الرجال فيها من الشواهد ما تُملأ به الصفحات .

النقطة الثالثة: وفيها عدَّة إشارات مع هذا الكاتب:

الإشارة الأولى: لقد حاول ثانية أن يضرب على وتر الصحبة والملازمة بين المعلّم والمتعلّم ; فادعى بأنَّ وِزَانَ الرسول مع صحبه وِزَان رئيس القوميَّة أو الدولة مع أعوانه والمقربين منه ، فيما لو جاء شخص يدعي انتسابه إليهم ، ولكن يطعن في المقربين من الرئيس ويصفهم بالخونة ، فلاشكَّ أنَّ هذا الرئيس سيغضب لذلك ولن يرضى أن يوصف المقربون منه بتلك الصفات ، وهنا عدَّة أمور:
الأول: لقد قاس الرسول الأعظم بمقياسه الصغير على أنَّه رئيس قوميَّة أو دولة ، ولكنَّ هذا القياس مع الفارق ; لأنَّ رئيس الدولة هو الذي اختار بطانته وقرَّبهم وجعلهم مختصين به ، بينما لم يجعل الرسول جميع صحابته من المقربِّين له ، بل كلامك أخذ للدعوى في الدليل في الواقع  ، وهو مصادرة على المطلوب .

الصفحه من 152