صحبة الرسول (صلي الله عليه و آله) بين المنقول و المعقول - الصفحه 87

وثانياً: لو فرضنا صحَّة مدح النبيّ للصحابة; فقد ثبت عندنا ورود ذمٍّ لبعضهم أو لبعض الصفات الموجودة فيهم ، و ثبت عندنا من روايات بطريق صحيح غضب النبي على بعضهم ، وعدم رضاه عنهم أو تبرؤه مما عملوا ، و ثبت من بعض الروايات أنَّه قد صدر منهم بعد وفاته (صلى الله عليه وآله) ما لا يُرضيه لو كان حيّاً بين أظهرهم .
فطريق الجمع بين الأمرين أن نخصّص المدح الوارد في الصحابة بمن لم يصدر منه ما يشين الصحبة ويباعدها عنه .
لا أن نردَّ كلّ تلك الروايات الواردة في حقِّ بعضهم ممَّا ينافي روايات المدح  .
الإشارة الثالثة: لو دار ثبوت العيب بين ثبوته للمعلِّم أو للتلاميذ أو للناقد لهم ، فهنا نُعمِل القواعد العلميَّة المستندة للعقل السليم .
فنرى أنَّ المعلِّم; فيما لو كان معصوماً وقد بذل جهده في التعليم والتربية والتزكية لهم; فهو خارج عن عنوان ثبوت العيب فيه .
وأمَّا التلاميذ : فهل تعلَّموا كلَّ ما علَّمهم ؟ وهل وعوا وعملوا بكل ما تعلَّموا ؟ أم تخلَّـف العالم منهم عن العمل؟.
إنَّ هذا ما تهدينا إليه بعض الآيات والروايات الواردة في الصحاح ، حيث تثبت عدم انصياعهم لكل ما قاله معلِّمهم وقائدهم .
1 ـ فاقرأ معي هذه الآية : يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَاقَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إسْلاَمِهِم وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا۱
فقد نزلت في بعضهم يوم غدير خمٍّ لما رأوا النبي (صلى الله عليه وآله) رافعاً بيد عليّ قالوا : «انظروا إلى عينيه كأنَّهما عينا مجنون» ، وقيل هو الجُلاَس بن عبيد ، أو سويد ، ولكنَّه تاب بعد ذلك عمَّا قال ۲  .

1.التوبة: ۷۴ .

2.سيأتي مصدرها لاحقاً .

الصفحه من 152