صحبة الرسول (صلي الله عليه و آله) بين المنقول و المعقول - الصفحه 90

وفي لفظ الطبراني في المعجم الكبير ۱  : حتى إذا كان يوم التروية أمرنا فأهللنابالحجّ ، فقال بعضنا لبعض : خرجنا من أرضنا حتّى إذا لم يكن بيننا وبين منى إلاّ أربع نخرج ومذاكيرنا تقطر منيَّاً !؟ .
فبلغ ذلك رسول الله فقال: أتتهموني وأنا أمين أهل السماء وأهل الأرض !؟ .
ومنها: اعتراضهم وطعنهم في تأمير النبيّ (صلى الله عليه وآله) أسامة بن زيد على الجيش ، وفيه: فطعن بعض الناس في إمرته ، فقام رسول الله فقال: «إنّكم تطعنون في إمرته كما كنتم تطعنون في إمرة أبيه من قبل . .» ۲
ومنها: ما صدر من عمر من منع النبيّ (صلى الله عليه وآله) وهو في أيامه الأخيرة أن يكتب كتاباً للهداية لايضلُّ الناس بعده أبداً ، فقال عمر: إنَّ النبيّ قد غلبه الوجع وعندنا كتاب الله، فاختلفوا، وكثر اللغط، قال: «قوموا عنّي ولا ينبغي عندي التنازع. .» ۳  .
وهذا غيض من فيض ، وإنَّما ذكرنا هذه الموارد دفعاً لتغرير الكاتب بعدم مخالفتهم لتعاليم النبيّ (صلى الله عليه وآله) كأستاذ لهم ومعلِّم .
وإلا ، فهي واضحة للعيان ولا تحتاج إلى برهان ، وقانا الله سوء المنقلب .
وأما في رجوع العيب للطاعن وأنَّه يرجع طعنه فيهم للطعن في المعلِّم .
فهذا كلام مرفوض جملةً وتفصيلاً ، فإنَّ الناقد البصير ; فيما لو استند إلى مقدمات علميَّة تامّة واعتمد على أدلّة معتبرة عند الخصم ، فنقده يكون نقداً قد صدر من أهله ووقع في محلّه ، ولا يلزم من ذلك رجوع الطعن للمعلِّم ، وذلك لفرض التفكيك بين المعلِّم وما جهد من تعليمهم ، وبين التلاميذ الذي لم يحسنوا الوفاء للمعلّم . . .!!

1.المعجم الكبير للطبراني : ۷ / ۱۲۷ .

2.صحيح البخاري: ۶ / ۲۴۴۴ ، صحيح مسلم: ۴ / ۱۸۸۴ .

3.صحيح البخاري: ۱ / ۵۴ برقم ۱۱۴ .

الصفحه من 152