صحبة الرسول (صلي الله عليه و آله) بين المنقول و المعقول - الصفحه 93

ومنهم من شغله الصفق في الأسواق ۱  ، وقد وردت إلى ذلك الإشارة في الآية القرآنيَّة : وَإذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوَاً انفَضُوا إلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمَاً۲  .
وأمَّا ما ذكره من أنَّه (صلى الله عليه وآله) لم يألُ جهداً في تعليمهم كلّ خير ونصحهم في الابتعاد عن كلّ شرٍّ وتحذيرهم من سوء عاقبته .
فهذا أمر مسلَّمٌ ، ولكنَّ السؤال هو: هل أنَّهم كلَّهم اتبعوا نصيحته (صلى الله عليه وآله) أم لا ؟ وهل حذروا مما حذَّرهم منه ،أم لا؟
الشواهد والدلائل تقول : «لا ، لا» ، سوى البعض! وعلى المدّعي خلاف ذلك أن يأتي بالبيّنة على ذلك .
وأمَّا الاستدلال لإثبات ذلك بنفس صدور النصح والتحذير من النبيّ !
فهذا ضحك على الذقون لايرتضيه ذو مسكة من عقل سليم .
الإشارة الخامسة: وأمَّا ما استشهد به من مقاتلَة أمير المؤمنين الذين انحرفوا عنه وحاربوه فهو لا يخلو من أحد أمرين:
فإمَّا أن يكون كلامه هذا على وزان كلامه في صحابة النبي(صلى الله عليه وآله) مع النبي(صلى الله عليه وآله) ، والكلام فيه هو الكلام ، لضرورة التفكيك بين المربي والمعلّم وبين التلاميذ ، فهو توسيع لدائرة الإشكال لا حلٌّ له .
وإمَّا أن يكون كلامه فيه أجنبياً ، ونلتزم معه بعدم تحقق بيعة منهم له ، ولذا بيَّن صلوات اللَّه عليه في بعض كلماته حقيقة بيعة بعضهم أعني أول من بايع وهم ـ الزبير وطلحة ـ بل بيَّنها لهم مباشرة ، وأخبرهم أنَّهم أول من ينقض تلك البيعة .
وأمَّا خروج مَنْ خرج عليه ، فقد جرَّأهم على ذلك أمثال عمرو بن العاص ،

1.الجمعة: ۱۱ .

2.وقد ورد بألفاظ متقاربة وأكثرها هكذا: إنَّ أخوتي من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق وإنَّ إخوتي من الأنصار كان يشغلهم عمل أموالهم» صحيحا البخاري ومسلم: الموارد السابقة .

الصفحه من 152