صحبة الرسول (صلي الله عليه و آله) بين المنقول و المعقول - الصفحه 97

وعلى هذا فالصحابة كغيرهم من الناس الذين يمكن أن توضع أسماؤهم وأفعالهم على مائدة التشريح فيُرَى : هل كان ثقة متقياً مطيعاً للَّه ولرسوله، أم لا؟
والصحبة ـ لو قلنا بنفعها ـ لما تعدّى ذلك شرف اللقاء بالرسول الأكرم ، ولكنَّ الأمر من زاوية أخرى هو عليهم أشدّ ، لأنَّ من رأى النبي وسمع أوامره ونواهيه ولم يمتثلها كانت عقوبته أشدّ ممَّن لم يره و لم يسمع منه وإنَّما سمع من الرواة والأخبار ذلك ، وهذا مقتضى اختلاف الرتبة بين الصحابي وغيره .
ويكفينا في إمكان تطرُّق الطعن لبعض من ادُّعيت له الصحبة ما ذكره البخاري في صحيحه من حديث الحوض : «يقدم عليَّ جماعةٌ من أصحابي يوم القيامة ـ وأنا على الحوض ـ فلمَّا قربوا مني حيل بيني وبينهم; فأقول: ياربِّ أصيحابي أصيحابي ؟ فيأتي النداء: إنَّك لا تدري ما أحدثوا بعدك» ۱
وفي نص آخر : «فيحلؤون دوني فأقول : ياربِّ أصحابي؟ فيناديني مَلَكٌ : إنَّك لا تدري ما أحدثوا بعدك؟ لقد رجعوا القهقرى . .» ۲  .
فهذا الكلام من لسان الرسول يوجب تحقق معرضيَّة الصحابة للطعن ، خاصة من رجع منهم القهقرى بعد وفاته(صلى الله عليه وآله) .
وأعظمها هذه الرواية ، وهي في ما بعد معركة أحد ، فقد روى الإمام مالك أنَّ رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله) قال لشهداء أحد : هؤلاء أشهد عليهم ، فقال أبوبكرالصديق: ألسنا يارسول اللَّه إخوانهم ؟ أسلمنا كما أسلموا وجاهدنا كما جاهدوا!؟.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : بلى، ولكن لا أدري ما تُحدثون بعدي؟!!
فبكى أبوبكر ثمَّ بكى، ثمَّ قال: أئِنَّا لكائنون بعدك ؟» ۳  .
وهاك بعض أسماء الصحابة الذين ثبت أنَّهم لم يحسنوا الصحبة بدلالة كلام

1.صحيح البخاري: ۸ / ۱۴۸ ـ ۱۴۹ ، مسند أحمد: ۵ / ۳۸۸ .

2.صحيح البخاري: ۸ / ۱۵۰ ـ ۱۵۱ ، الجمع بين الصحيحين: رقم ۲۶۷ .

3.الموطأ لمالك بن أنس : ۱ / ۳۰۷ ومغازي الواقدي ص ۳۱۰ .

الصفحه من 152