المراشح - الصفحه 337

ولما كان بناء أساس الشرع السويّ العام والسنة العادلة الكلية في حق جميع الناس على تحصيل المصلحة المظنونة واستدفاع المفسدة المظنونة بحسب نظام حال نوع المكلفين مع عزل النظر عن خصوصيات الآحاد والأوقات كان الظن وما يقتضيه واجب الاعتبار هناك لا محالة ، فكان يجب العمل برواية العدل الواحد وإخبار العدل الواحد في الجرح والتعديل لحصول الظن المعتبر بذلك ، فأما الشهادة فحيث إن مقتضاها يتعلق بجزئيات الحقون المتنازع فيها وخصوصيات الأشخاص المتشاجرين عليها كان فيها مزيد احتياج إلى الاستظهار [ و ]تأكّد الظن ، فلذلك احتيج إلى اعتبار التعدد في الشاهد ومزكّيه على خلاف الأمر في الراوي ومزكّيه ؛ هكذا في الرواشح ۱ .
وفيه أن الأمر في حق جميع الناس لو كان على تحصيل المصلحة المظنونة.. إلى آخره ، فهو في حق الأشخاص أولى وأحرى ، كما أن الأمر لو كان في جزئيات الحقوق محتاجا إلى مزيد استظهارٍ ففي الحقوق العامة أولى بالاستظهار .
على أنا نقول : إن الثابت بالاستقراء عدم اجتزاء الشارع في تعيين الموضوعات الخارجية بالعدل الواحد فالتزكية كذلك ، غاية الأمر الشكّ في اندراجه تحت عموم أدلّة خبر الواحد ، فلابد من العلم بالعدالة أو ما يقوم مقامه ، وهو تزكية العدلين . وهذا هو المراد من قولهم «إن التزكية شهادة» يعني أن حكمها حكم الشهادة بالأصل لا أنها شهادة حقيقية ۲ .
ثم ۳ إنهم استدلوا على ذلك تارة بأن التعديل شرط لقبول الرواية فلا يزيد على مشروطه أي لا يحتاط فيه أزيد مما يحتاط في أصله كغيره من الشروط التي

1.الرواشح السماوية ، ص ۱۰۰ ـ ۱۰۱ الراشحة الحادية والثلاثون .

2.وهناك ردّ آخر ذكره بعض المحشين على الرواشح كما في هامش الرواشح المطبوع ص ۱۰۱ ، وهو أن هذا الدليل لا يدل على عدم كفاية العدل الواحد في تزكية الشاهد . بل إنما يدلّ على عدم الاحتياج فيها إلى أزيد من اثنين ، والمدعّى هو الأول كما يشهد به ما ذكره في تفسير ما ذهب إليه الأكثر ، فتدبر .

3.من هنا عبارة صاحب الرواشح .

الصفحه من 348