روي العقيليّ عن حماد بن زيد قال : وضعَت الزنادقة على رسول اللّه صلى الله عليه و آله أربعة عشر ألف حديث .
وروي عن عبداللّه بن يزيد المقري أن رجلاً من الخوارج رجع عن بدعته فجعل يقول : انظُروا هذا الحديث عمن تأخذونه ؛ فإنا كنّا إذا رأينا رأيا جعلنا له حديثا .
ومما وضعَته الزنادقة أنه صلى الله عليه و آله لما بلغ في قراءته إلى قوله تعالى : « وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى »۱ ألقى الشيطان في اُمنيّته ـ بضم الهمزة وتشديد الياء بعد النون واحدة الأماني ـ أي في تشهّيه ما يوجب اشتغاله بالدنيا . . . إلى أن قال صلى الله عليه و آله : تلك الغرانيق العلى ، وإن شفاعتهن لترجى ، ففرح به المشركون حتى شايعوه بالسجود لمّا سجد في آخرها ، بحيث لم يبق في المسجد مؤمن ولامشرك إلاّ سجد ، ثم نبّهه جبرئيل عليه السلامفاغتمّ صلى الله عليه و آلهفعزّاه اللّه سبحانه بقوله : « وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ . . »۲ الآية .
وهو باطل بالعقل والنقل .
والغرانيق هاهنا الأجسام ، وهو في الأصل : الذكور الطوال العنق من طير الماء ، واحده غُرنوق بالضم وغُرْنَيق بإسكان الراء بعد المعجمة المضمومة وفتح النون قبل المثناة من تحت الساكنة ، سمي به لبياضه ورفعته في الطيران ، وغُرانق بالضم كفرانق : الشاب الناعم ، والجمع أيضا الغَرانيق بالفتح .
ومن الواضعين أهل السؤال ، يضعون عليه صلى الله عليه و آله أحاديث يستأكلون منها ۳ .
والمبتدعة من المتصوفة [ذهبوا] إلى جواز وضع الحديث للترغيب والترهيب ، واستدلوا بما في بعض طرق الحديث : « من كذب عليّ متعمّدا ليضلّ به الناس فليتبوّأ مقعده من النار » وهذه الزيادة قد أبطلها نقلة الحديث على أنها لا تنجعهم ؛ إذ مطلق الافتراء
1.سورة النجم ، الآية ۲۰ .
2.سورة الحج ، الآية ۵۲ .
3.وقد نقل الميرداماد قدس سره في الرواشح (ص ۱۹۷) حكاية أحمد بن حنبل وابن معين في مسجد الرّصافة مع القاصّ الذي كان ينقل عنهما كذباً ، فراجع .