ملحقات نسخة من نهج البلاغة و جزء ابن ناقة - الصفحه 31

لَيْسَ عَنِ الدَّهْرِ قِدَمُهُ ، وَلاَ لِكَوْنِهِ مَوْجُوداً يُقَالُ سَبَقَ وُجُودُهُ عَدَمَهُ ، وَوُجُودُهُ وَاجِبٌ ، وَسَبِيلُهُ الدَّيْمُومَة ، اَلْوَحْدَةُ لاَ تُوحِشُهُ ، وَالْخَلِيقَةُ لاَ تُؤْنِسُهُ ، فَلَوْ أَوْحَشَتْهُ الْوَحْدَةُ لآنَسَهُ خَلْقَهُ ، وَلَوْ آنَسَهُ خَلْقَهُ لأَوْحَشَهُ فَقْدُهُمْ ، وَالأُنْسُ وَالْوَحْشَةُ خَلْقُهُ ، فَكَيْفَ يَحِلُّ بِهِ مَا هُوَ أَبْدَأَهُ ، أَوْ يَعُودُ مَا هُوَ أَنْشَأَهُ ؟
اَلْهَمُّ لاَ يُنَازِعُهُ ، وَالشُّغْلُ لاَ يَشْغَلُهُ ، وَالأَفْكَارُ لاَ تُخَالِطُهُ ، وَمُنْتَهَى بَلاغِ الْخَلْقِ لاَ يَبْلُغُهُ ، العَدَدُ لاَ ۱ يُقَاسِمُهُ ، وَخَلْقُهُ لاَ يُمَازِجُهُ . مَنْ جَعَلَ عِبَادَهُ جُزْءَاً مِنْهُ كَفَر ، «إِنَّ الإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ»۲ .
الأَطْرَافُ لاَ تَكْتَنِفُهُ ، وَالْحُدُودُ لاَ تَقْطَعُهُ ، إذِ الْحَدُّ لِلْمَحْدُودِ ، وَالْعَدُّ لِلْمَعْدُودِ . لَيْسَ لِذَاتِهِ تَكْيِيفٌ ، وَلاَ لِفِعْلِهِ تَكْلِيفٌ . ضَمِنَ الدَّهْرَ قِدَمُهُ ، وَالْغَيْبَ جَوُّهُ ، وَالْمَلَكُوتَ خَزَائِنُهُ . وَمَنْ قَسَمَ جُزْءاً فَهُوَ حِيلَتُهُ ، وَمَنْ ضَمَّهُ الْهَوَاءُ فَالْهَوَاءُ فَضَاؤُهُ . وَاحْتَجَبَ عَنِ الْعُقُولِ كَما احْتَجَبَ عَنِ الْعُيُونِ ، وَأَعْمَى أَهْلَ السَّمَاءِ احْتِجَابُهُ كَمَا أَعْمَى أَهْلَ الأَرْضِ ، لَيْسَ بِغَيْرِهِ احْتَجَبَ ، وَلاَ بِسِوَاهُ اسْتَتَرَ ، لكِنَّهُ مَسْتُورٌ بِفِطْرَتِهِ ، مَحْجُوبٌ بِقُدْرَتِهِ ، فَهُوَ الّذِي كُلُّ شَيْءٍ يَرَى آيَاتِهِ ، وَلاَ يُرى ، لاَ تَرَاهُ الْعُيُونُ ، وَلاَ تُقَابِلُهُ الظُّنُونُ ، عَدَا قَدْرُهُ الظَّنيَّةَ ، وَزَهَا نُورُهُ الْعَيْنِيَّةُ ، فَمَنَعَ الطَّالِبَ الطَّلَبَ ، وَحَمَى ۳ الْوُرُودَ الاِنْقِطَاعُ ، وَالإِدْرَاكَ الاِمْتِنَاعُ ، وَمَارَسَ الْفِطْنَةَ الْعَظَمَةُ ، وَالْخِلْقَةَ الْجِسْمُ ، وَحَالَ الْجَمَالُ مِنَ الْجَالِ ۴ ، وَارْتِدَادُ الطَّلَبِ مِنَ الْمُرْتَادِ .
قُرْبُهُ كَرَامَةٌ ، وَبُعْدُهُ إهَانَةٌ ، قَدَّرَ كَوْنَ الْوُصُولِ لِذَوِي الأَلْبَابِ وَالْعُقُولِ ، لاَ يُجَاوِزُهُ اجْتِيَازٌ ، وَلاَ يَحُوزُهُ احْتِيَاز ، وَلاَ يُمَثِّلُهُ تَدْبِيرٌ ، وَلاَ يُخَالِطُهُ تَقْدِيرٌ ، وَلاَ تَنَالُهُ الْحَوَاسُّ ،

1.كذا .

2.في الأصل : «ولا» .

3.سورة الزخرف ، الآية ۱۵ .

4.حمى : منع .

الصفحه من 113