وَاحِدٍ مئةُ أَلْفٍ ، وَيَرْكَبُ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً ، وَتَهْجِمُ خَيْلُ الدَّيْلَمِ عَلَى أَصْفَهَانَ ، وَيَقَعُ حَصَارٌ عَظِيمٌ .
مَعَاشِرَ النَّاسِ ، لَقَدْ عَلَّمَنِي رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله أَلْفَ مَسْأَلَةٍ ، تَفَرَّعَتْ [ مِنْ ] كُلِّ مَسْأَلَةٍ أَلْفُ مَسْأَلَةٍ ، مَا فِيهَا مَسْأَلَةٌ إلاَّ وَفِيهَا أَلْفُ بَابٍ مِنَ الْعِلْمِ . وَإِنَّمَا أَوْرَدْتُ لَكُمْ ذَلِكَ لِتَعْرِفُوا مَا يَنَالُكُمْ مِنَ الْفِتَنِ مِنْ شِدَّةِ ظُلْمِ مُلُوكِهِمْ ، وَظُلْمِ قُضَاتِهِمْ فِي أَحْكَامِهِمْ ، وَكَلَبِ زَمَانِهِمْ ، وَفِسْقِ تُجَّارِهِمْ ؛ فَإِنَّ عِنْدَ ذَلِكَ تَطُولُ آمَالُهُمْ ، وَيَقِلُّ مَعْرُوفُهُمْ ، وَتَكْثُرُ شَكْوَاهُمْ .
«فَإِنَّا للّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ» مِنْ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَمِنْ أَهْلِهِ ؛ فَإِنَّهُمْ لاَ يَكْتُمُونَ مُصِيبَةً ، وَلاَ يَقْبَلُونَ عُذْراً ، قَدْ خَالَطَ الشَّيْطَانُ أَبْدَانَهُمْ ، فَهُوَ يَلْعَبُ بِهِمْ كَمَا يَلْعَبُ الصِّبْيَانُ بِالْكُرَةِ ، وَخَيْرُ النَّاسِ مَنْ تَخَلَّى بِدِينِهِ إِلَى الشَّامِ ، وَتَبِعَ آثَارَ النَّبِيِّينَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ . إِنَّ الفِتَنَ لَتَرْكَبُ الأَمْصَارَ حَتَّى يَقُولَ الْمُؤْمِنُ الضَّعِيفُ المُحِبُّ لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ : إِنِّي لَمُسْتَضْعَفٌ فِي الأَرْضِ .
ثُمَّ قَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، لاَ يَسْتَوِي الظَّالِمُ وَالْمظْلُومُ ، وَلاَ الْجَاهِلُ وَالْعَالِمُ ، وَلاَ الْحَقُّ وَالْبَاطِلُ ، وَلاَ الْعَدْلُ وَالْجَوْرُ /304/ ، إِنَّ لَكُمْ شَرِيعَةً مَعْلُومَةً . وَمَا مِنْ نَبِيٍّ وَلاَ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيٍّ إلاَّ وَلَهُمْ أَضْدَادٌ كَثِيرَةٌ ، وَإِنَّهُ إذَا ذُكِرَ آلُ حَرْبٍ يَفْرَحُونَ ، وَإِذَا ذُكِرَ آلُ مُحَمَّدٍ تَسْوَدُّ وُجُوهُهُمْ كَقِطَعِ اللَّيْلِ ، كَأَنَّمَا أُخْرِجُوا مِنْ بِحَارٍ مُظْلِمَةٍ أَوْ سُفُنٍ مُتَطَامِسَةٍ . فَإِنْ دُعِيتُمْ إلَى سَبِّنَا فَسُبُّونا ، وَإِنْ دُعِيتُمْ إلَى الْبَرَاءَةِ مِنَّا ؛ فَلا تَتَبَرَّؤُوا مِنَّا ؛ فَإِنَّهُ مَنْ تَبَرَّأَ مِنَّا تَبَرَّأَ مِنَ اللّهِ وَبَرِئَ اللّهُ مِنْهُ وَرَسُولُهُ .
مَسَاكِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ .
فَقَالَ الأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ : وَمَنِ الْمَسَاكِينُ يَا مَوْلاَيَ ؟
قَالَ : شِيعَتُنَا وَمُحِبُّونَا أَهْلَ الْبَيْتِ ؛ هُمْ عِنْدَ النَّاسِ كُفَّارٌ ، وَعِنْدَ اللّهِ أَبْرَارٌ ، وَعِنْدَ النَّاسِ كَاذِبُونَ ، وَعِنْدَ اللّهِ صَادِقُونَ ، وَعِنْدَ الناسِ هالِكُونَ ، وَعِنْدَ اللّهِ فَائِزُونَ ، فَازُوا وَاللّهِ