فَقَالَ : هُوَ مَدِيدُ الظَّهْرِ ، قَصِيرُ السَّاقَيْنِ ، سَريعُ الهِمَّةِ ، سَرِيعُ الغَضَبِ ، يُوَاقِعُ الرُّومَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَقْعَةً . وَهُوَ شَيْخٌ طَوِيلُ الْعُمُرِ تَدِينُ لَهُ مُلُوكُ الرُّوم حَتَّى يَجْعَلُونَ خُدُودَهُمْ تَحْتَ أَقْدَامِهِ عَلَى سَلاَمَةٍ مِنْ دِينِهِ وَأَمْرِهِ وَنَفْسِهِ . وَعَلاَمَةُ خُرُوجِهِ بُنْيَانُ مَدِينَةٍ عَلَى بَابِ ثَغْرٍ مِنْ ثُغُورِ الرُّومِ تَخْرَبُ عَلَى يَدَيْهِ ، ثُمَّ يَخْرَبُ ذَلِكَ الثَّغْرُ .
وَيَكُونُ لَهُ بِالشَّامِ وَقَائِعُ بَيِّنَاتٌ . يَمْلِكُ أَعْلَى دِجْلَةَ والنِّيْلِ وَالْفُرَاتِ ، وَيَقْوَى أَمْرُهُ ، وَتُكْسَفُ الشَّمْسُ فِي رَمَضَانَ ، وَتُعْمَرُ الآكَامُ وَالآجَامُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ .
فَإِذَا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ بِالْعِرَاقِ مِنَ الشَهْرَزُورِيِّ حَتَّى يَسْتَبِيحَ أَهْلَهَا وَفِتْيَانَهَا وَقَبَائِلَهَا ، فَعِنْدَهَا تَبْلُغُ الْفِتْنَةُ إِلَى الزَّوْرَاءِ ، وَيَشْتَغِلَ أَهْلُ الشَّامِ بِخِصْبٍ وَأَمْنٍ ، فَيَقُولُ الشَّهْرَزُورِيُّ : انْطَلِقُوا بِنا إلَى الشَّامِ فَيُقَاتِلُ أَهْلَ الْجزيرة الْحَمْرَاءِ ، فَيَا وَيْلَ لَهَا مِمَّا يَنْزِلُ بِهَا مِنْهُمْ مَعَ الأَكْرَادِ .
وَيَا وَيْلَ نَيْنَوَى الصُّغْرَى وَالْكُبْرَى وَأَطْرَافِ سَعِرْتَ وَمَعْدَنَ وَحَرَّانَ وَتَدْمُرَ مِنَ الْحِصَارِ الشَّدِيدِ ، الْوَيْلُ لِفَارِقِينَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِ الخِفَافِ الشَّعْرِ مِمَّا يَفْعَلُونَ بِأَهْلِهَا مِنَ الْقَتْلِ وَالسَّبْيِ ، حَتَّى يَصْعَدُونَ ۱ الْفَصِيلَ ، فَيَصِيحُ بِهِمْ جَبْرَئِيلُ صَيْحَةً فَلا تُحِسُّ لَهُمْ حِسّا /307/ دُونَ الرَّحِيلِ ، وَتُفْتَحُ جِبَالُ الْجَزِيرَةِ ، وَيَلْتَقِي الشَّهْرَزُورِيُّ بِالْقَصِيرِ عَلَى بَابِ مَدِينَةِ الْحَدِيدِ فَيُقْتَلُ الشَّهْرَزُورِيُّ ، وَيَلْحَقُهُمْ أُصَيْفِرُ تَغْلِبَ فَيَغْنَمُ الْمُسْلِمُونَ غَنِيمَةً عَظِيمَةً .
وَيَصِيرُ أُصَيْفِرُ تَغْلِبَ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ رَبِيْعَةَ وَمُضَرَ إِلَى قُسْطَنْطِينِيَّةَ ، فَيَقْتُلُ عَلَى بَابِهَا قَتْلاً ذَرِيعاً حَتَّى يَخُوضَ النَّاسُ فِي الدِّمَاءِ . وَيَصِيحُ صَائِحٌ مِنْ بَلَدِ الرُّومِ : «قُتِلَتِ النَّصْرَانِيَّةُ» وَأُصَيْفِرُ تَغْلِبَ عَلَى بَابِهَا ، وَيَنْهَزِمُ مَلِكُ الرُّومِ إلَى أَرْمَنِيَّةِ وَيَسْتَجِيرُ بِالبَرعَنِ ، وَيَكْتُبُ مَلِكُ الرُّومِ إِلَى أُصَيْفِرِ تَغْلِبَ : «اِرْجِعْ وَلَكَ مَا تُرِيدُ» ، فَيَأْبَى ذَلِكَ . فَيَقُولُ مَلِكُ
1.كذا ، وصوابها : «يصعدوا» .