شرح نهج البلاغه (ما سلم من شرح الوبري لنهج البلاغة) - الصفحه 43

وقال في الرَّقيم : هو حُقَّةٌ ۱ محيطةٌ بأَذيال السَّماء المحتوية على الأَرض. ۲
قال الإِمام الجليل الوبريّ في قوله: مضروبة بينهم وبين مَن دونهم حُجُبُ العزَّة وأَستار القدرة:
أَراد به أَفعاله تعالى وبدائعَه التي يُحدِثها بمرأَى العين مِنَ الملائكة التي تدلّهم على اللّه تعالى وحكمتِه ، وتدلّهم ۳ على أَنَّه لا يجوز عليه التَّمكُّن في الأَماكن، فسمّى هذه الأَفعال حُجُبَ العزَّة. وإِنَّما صحَّ منه تعالى إِحداثُها لأَنَّه عزيز ، وهو القادر الذي لا يُمانَع. فتستدلّ الملائكة بهذه ۴ الدَّلائل على أَنَّه لا يجوز عليه تعالى ما يجوز على الأَجسامِ والحوادث مِن علاماتِ الصَّنعة، فلذلك أَضاف الحُجُبَ إِلى العزَّة، ولذلك عقّبه بقوله: لا يتوهَّمون ربَّهم بالتَّصوير ، بعد استدلالهم بهذه الأدلَّة ، فيعلمون أَنَّه لا يجوز عليه التَّصويرُ والتَّوَهُّمُ. ۵
قوله: أَعْطَاهُ اللّهُ النَّظِرَةَ.
قال الإِمام الجليل الوَبَريّ رحمه الله في قوله: فَأَعطاه اللّه النّظرة استحقاقاً للسّخطة : لمّا كان المعلومُ مِن حاله ازدياد المعصيةِ بازديادِ المهلة ، جعل إِبقاءه في كلِّ وقت لمكانِ زيادة عقابه. ومع العلم بوصولِ ۶ العقاب إِليه كان نفس الإِبقاء عقوبة ؛ لمكان العاقبة ۷ ، وهذا كقوله تعالى: «وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ خَيْرٌ لاِّنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا»۸ ونظائر ذلك كثيرة. ۹

1.الحُقُّ والحُقَّة: إناء للطِّيب وحليّ النّساء كالسَّفط ، ولعلّ الصَّحيح «حلقة».

2.معارج ، ص ۱۹۱.

3.في «د»: فيدلّهم ، والتَّصويب مِن «خ».

4.في «د»: هذه ، والصّواب ما أثبتناه.

5.معارج ، ص ۱۹۴.

6.في «خ» و «د»: بوصل ، وما أثبتُّه هو المناسب للعبارة.

7.في «د»: العافية ، وفي «خ» نفس الرَّسم بدون نقط ، والصّواب ما أثبتناه.

8.سورة آل عمران، الآية ۱۷۸.

9.معارج ، ص ۲۰۶.

الصفحه من 80