ورد في كتب أهل السنة العديد من الروايات حول فضائل الإمام الحسين (ع) بأسانيد صحيحة وموثوقة مما لا مجال للشك فيها، منها. 
		
			
  
* الفضيلة الأولى: في أنّه سيّد شباب أهل الجنّة
  ـ قال ابن كثير في " البداية والنهاية ": قال الإمام أحمد: حدّثنا وكيع ، عن ربيع بن سعد ، عن أبي سابط (۱) ، قال: ( دخل حسين بن علي المسجد ، فقال جابر بن عبد الله: ( مَن أحبّ أنْ ينظر إلى سيـّد شباب أهل الجنّة ، فلينظر إلى هذا ) سمعته من رسول الله (ص) ) (۲) .
  ورواه الذهبي في " السير " أيضاً عن " مسند أحمد " (۳) .
  قال محقّق ( السيّر ): ( ذكره الهيثمي في " المجمع " ۹ / ۱۸۷ ، ونسبه إلى أبي يعلى ، وليس لأحمد ، وقال: رجاله رجال الصحيح ، غير الربيع بن سعد ، وهو ثقة ) (۴) .
  ـ أقول :
  ما نقله أبو يعلى وأخذه عنه الهيثمي في " المجمع " ، يختلف قليلاً عمّا هو في " مسند أحمد " بحسب ما نقل الذهبي وابن كثير . فقد أخرج أبو يعلى بسندهِ عن ابن نمير ، عن أبيه ، عن الربيع بن سعد ، عن عبد الرحمان بن سابط ، عن جابر ، قال: ( ( مَن سرّه أنْ ينظر إلى رجل من أهل الجنّة ، فلينظر إلى الحسين بن علي ) ، فإنّي سمعتُ رسول الله (ص) يقوله ) (۵) .
  ويظهر أنّهما رواية واحدة ، والله العالم .
  وعلى كلّ حال ، فقد مرّ في الفضائل المشتركة ، أنّه تواتر النقل عن الرسول (ص) في أنّ الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة .
  * الفضيلة الثانية: في أنّه من الرسول وأنّ الرسول منه
  ـ أخرج الترمذي بسنده إلى يعلى بن مرّة ، قال: ( قال رسول الله (ص): ( حسينٌ منّي وأنا مِن حسين ) ) (۶) .
  وأخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (۷) ، وأحمد في " المسند " (۸) ، وابن ماجة في " السنن " (۹) ، والحاكم في " المستدرك " (۱۰) ، وغيرهم . علماً أنّ للرواية تتمّة ، يأتي التعرُّض لها في الفضائل الآتية ، قال الترمذي: ( هذا حديث حَسَن ) (۱۱) .
  قال الحاكم: ( هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه ) ، ووافقه الذهبي (۱۲) .
  قال البوصيري في " مصباح الزجاجة في زوائد ابـن ماجة ": ( هذا إسناد حسن ، رجاله ثقات ) (۱۳) .
  قال الهيثمي في " مجمع الزوائد ": ( إسناده حَسَن ) (۱۴) .
  ومن المُستبعَد أنّ النبي (ص) يريد بهذا الحديث الرابطة النسبيّة بينه وبين الحسين (ع) ؛ خصوصاً عند النظر إلى الشطر الثاني: ( وأنا من حسين ) ، فلا بدّ أنْ يكون الرسول (ص) ناظراً إلى أمرٍ أدقّ وأعمق من ذلك .
  ولعلّه يشير إلى وحدة المنهج والهدف ، والروح الرساليّة التي يحملها الحسين (ع) في سبيل إرساء رسالة الله ، والحفاظ على أصولها ، والتي تهدف إلى إصلاح الإنسان ، وتخليصه من مستنقعات الجهل والظلام ، والرُّقي به نحو سُلّم الكمال .
  * الفضيلة الثالثة:
  في دعاء النبي (ص) لمحبّ الحسين (ع)
  ـ فقد ورد عنه (ص) أنّه قال: ( أحبّ الله مَن أحبّ حسيناً ) .
  وهذا المقطع هو إحدى تتمّات الحديث السابق ، فلا داعي لذكر تخريجاته أو تصحيحاته ؛ فإنّ عين ما تقدّم في الفضيلة الثانية مِن تخريج وتصحيح ، يأتي هنا أيضاً .
  ونشير هنا إلى أنّ دعاء النبي لمحبّ الحسين (ع) بهذهِ الألفاظ الشريفة ، يُبيّن ـ بوضوح ـ عظمة الحسين (ع) ، ودرجته الرفيعة عند الله سبحانه وتعالى . ومنها يتّضح حال مُبغضه ومعاديه ، بل وكذا حال محبّي أعدائه ؛ ( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) (الشعراء: ۲۲۷) .
  * الفضيلة الرابعة: في أنّه سبط من الأسباط
  ـ وهو قول النبي (ص): ( حسين سبط من الأسباط ) ، وهو تتمّة الحديث المتقدّم في الفضيلة الثانية والثالثة . فإنّ الحديث كما جاء في سنن الترمذي: ( حسينٌ منّي وأنا من حُسين ، أحبّ الله من أحبّ حسيناً ، حسين سبط من الأسباط ) ، فعين ما تقدّم فـي الفضيلة الثانية من تخريجات وتصحيحات ، يأتي هنا أيضاً .
  لكنْ نشير إلى أنّه في بعض المصادر ورد: ( الحسن والحسين سبطان من الأسباط ) (۱۵) .
  وقال الهيثمي معقّباً: ( رواه الترمذي باختصار ذكر الحسن ، ورواه الطبراني ، وإسناده حَسَن ) (۱۶) .
  وأمّا معنى السبط في الحديث ، فقد جاء في " لسان العرب ": ( وفي الحديث أيضاً: ( الحسين سبط من الأسباط ) ، أي أُمَّة من الأُمم في الخير ، فهو واقع على الأُمَّة ، والأُمَّة واقعة عليه ) (۱۷) أي هو بمنزلة الأُمَّة في الخير .
  وقال شارح " التاج الجامع للأصول " في كتابه " غاية المأمول ، شرح التاج الجامع للأصول ": ( والمراد هنا: أنّ الحسين ( رضي الله عنه ) في أخلاقه وأعماله الصالحة في دنياه كأمّة صالحة ، كقوله تعالى: ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) (النحل: ۱۲۰) . ويُبعث الحسين في الآخرة له شأنٌ وجاه عظيم ، كأمّة ذات شأن عظيم ) (۱۸) .
  ونفس هذا الكلام يأتي في الإمام الحسن (ع) ؛ لِمَا قدمناه مِن أنّ بعض المصادر نقلتْ: ( الحسن والحسين سبطان من الأسباط ) .
  * الفضيلة الخامسة: في محبّة النبي (ص) للحسين (ع)
  ـ أخرج الحاكم بسنده إلى أبي هريرة ، قال: ( رأيت رسول الله (ص) ، وهو حامل الحسين بن علي ، وهو يقول: ( اللّهمّ إنّي أحبُّه فأحبَّه ) ) (۱۹) .
  قال الحاكم: ( هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه . وقد رُوي بإسناد في الحسن مثلُه . وكلاهما محفوظان ) ، ووافقه الذهبي (۲۰) .
  ـ وفي " المستدرك " أيضاً ، عن أبي هريرة ، قال: ( ما رأيتُ الحسين بن علي إلاّ فاضت عيني دموعاً ؛ وذاك أنّ رسول الله (ص) خرج يوماً ، فوجدني في المسجد ، فأخذ بيدي واتّكأ عليّ ، فانطلقتُ معه حتّى جاء سوق بني قينقاع . قال: وما كلّمني ، فطاف ونظر ، ثمّ رجع ورجعتُ معه ، فجلس في المسجد واحتبى ، وقال لي: ( أدعو لي لكاع ) ، فأتى حسين يشتدّ حتّى وقع في حجره ، ثمّ أدخل يدَه في لحية رسول الله (ص) ، فجعل رسول الله (ص) يفتح فم الحسين فيُدْخِلُ فاه في فيه ، ويقول: ( اللَّهُم إنّي أحبُّه فأحبَّه ) ) .
  قال الحاكم: ( هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه ) ، ووافقه الذهبي (۲۱) .
  ـــــــــــــــــــــــ
  * اقتباس وتصحيح وتحرير قسم المقالات في شبكة الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي ، مقتبس من كتاب: " أئمّة أهل البيت في كتب أهل السنة " ، تأليف: حكمت الرحمة ، الناشر: مؤسَّسة الكوثر للمعارف الإسلامية ، ط ۱ ، سنة ۲۰۰۴ ، ص ۱۸۱ ـ ۱۸۶.
  
  (۱) في ( السير ) و ( مسند أبي يعلى ): ( عبد الرحمان بن سابط ) ، وليس ( أبا سابط ) .
  (۲) البداية والنهاية: ۸/۲۲۵ ، مؤسّسة التاريخ العربي .
  (۳) سير أعلام النبلاء: ۳/۲۸۲ ـ ۲۸۳ ، مؤسّسة الرسالة .
  (۴) المصدر نفسه: ۳/۲۸۲ ـ ۲۸۳ .
  (۵) مسند أبي يعلى: ۳/۳۹۷ ، دار المأمون للتراث . وانظر: مجمع الزوائد: ۹/۱۸۷ ، دار الكتب العلميّة ، بيروت .
  (۶) سنن الترمذي: ۵/۳۲۴ ، دار الفكر .
  (۷) الأدب المفرد: ۸۵ ، مؤسّسة الكتب الثقافيّة .
  (۸) مسند أحمد: ۴/۱۷۲ ، دار صادر .
  (۹) سنن ابن ماجة: ۱/۸۵ ، مكتبة المعارف .
  (۱۰) المستدرك على الصحيحين: ۳/۱۷۷ ، دار المعرفة .
  (۱۱) سنن الترمذي: ۵/۳۲۴ ، دار الفكر .
  (۱۲) المستدرك على الصحيحين ، ( وبذيله: تلخيص المستدرك ): ۳/۱۷۷ ، دار المعرفة .
  (۱۳) مصباح الزجاجة المطبوع بحاشية السنن: ۱/۸۵ ، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع.
  (۱۴) مجمع الزوائد: ۹/۱۸۱ ، دار الكتب العلميّة ، بيروت.
  (۱۵) التاريخ الكبير للبخاري: ۸/۴۱۵ ، المكتبة الإسلاميّة ، ديار بكر. والمعجم الكبير للطبراني: ۳/۳۲ ، نشر مكتبة ابن تيمية ، القاهرة .
  (۱۶) مجمع الزوائد: ۹/۱۸۱ ، دار الكتب العلميّة ، بيروت .
  (۱۷) لسان العرب: ۷/۳۱۰ ، دار إحياء التراث العربي .
  (۱۸) غاية المأمول شرح التاج الجامع للأصول ، المطبوع بحاشية التاج الجامع للأصول: ۳/۳۵۹ ، دار الكتب العلميّة ، بيروت .
  (۱۹) المستدرك على الصحيحين: ۳/۱۷۷ ، دار المعرفة .
  (۲۰) المستدرك على الصحيحين ( وبهامشه: تلخيص المستدرك ) للذهبي: ۳/۱۷۷ ، دار المعرفة .
  (۲۱) المصدر نفسه: ۳/۱۷۸ .