الإیمان - الصفحه 14

عليه من النقل قوله تعالى‏ : (لِيَزْدادُوا إيماناً مَعَ إيمانِهِم)۱ وغيره من الآيات ، و ما ورد من أحاديث أئمّة أهل البيت عليهم السلام الدالّة على‏ أنّ الإيمان ذو مراتب .
وذهب جمع منهم أبو حنيفة وإمام الحرمَين وغيرهما إلى‏ أنّ الإيمان لا يزيد ولا ينقص ، واحتجّوا عليه بأنّ الإيمان اسم للتصديق البالغ حدّ الجزم والقطع ، وهو ممّا لا يتصوّر فيه الزيادة والنقصان ، فالمصدّق إذا ضمّ إلى‏ تصديقه الطاعات أو ضمّ إليه المعاصي فتصديقه بحاله لم يتغيّر أصلاً .
وأوّلوا ما دلّ من الآيات على‏ قبوله الزيادة والنقصان بأنّ الإيمان عَرَض لا يبقى‏ بشخصه بل بتجدّد الأمثال ، فهو بحسب انطباقه علَى الزمان بأمثاله المتجدّدة يزيد وينقص كوقوعه للنبيّ صلى اللَّه عليه وآله مثلاً علَى التوالي من غير فترة متخلّلة ، وفي غيره بفترات قليلة أو كثيرة ، فالمراد بزيادة الإيمان توالي أجزاء الإيمان من غير فترة أصلاً أو بفترات قليلة .
وأيضاً للإيمان كثرة بكثرة ما يؤمن به ، وشرائع الدين لمّا كانت تنزل تدريجاً والمؤمنون يؤمنون بما ينزل منها ، وكان يزيد عدد الأحكام حيناً بعد حين ، كان إيمانهم أيضاً يزيد تدريجاً ، وبالجملة : المراد بزيادة الإيمان كثرته عدداً .
وهو بيّن الضعف ، أمّا الحجّة ففيها أوّلاً : إنّ قولهم : الإيمان اسم للتصديق الجازم ممنوع ، بل هو اسم للتصديق الجازم الذي معه الالتزام كما تقدّم بيانه . اللّهمّ إلّا أن يكون مرادهم بالتصديق العلم مع الالتزام .
وثانياً : إنّ قولهم : إنّ هذا التصديق لا يختلف بالزيادة والنقصان دعوى‏ بلا دليل ، بل مصادرة علَى المطلوب ، وبناؤه على‏ كون الإيمان عَرَضاً وبقاء الأعراض على‏ نحو تجدّد الأمثال لا ينفعهم شيئاً ؛ فإنّ من الإيمان ما لا تحرّكه العواصف ، ومنه ما يزول بأدنى‏ سبب يعترض وأوهن شبهة تطرأ ، وهذا ممّا لا يعلّل بتجدّد الأمثال وقلّة الفترات وكثرتها ، بل لابدّ من استناده إلى‏ قوّة الإيمان وضعفه سواء قلنا بتجدّد الأمثال أم لا . مضافاً إلى‏ بطلان تجدّد الأمثال على‏ ما بُيّن في محلّه .
وقولهم : إنّ المصدِّق إذا ضمّ إليه الطاعات

1.الفتح : ۴ .

الصفحه من 34